القاهرة | يستعدّ النظام المصري لإحياء جلسات الحوار الوطني، الذي كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أَطلقه في رمضان الماضي. وتُستأنف الجلسات في مطلع أيار المقبل، بعد الانتهاء من تشكيل «اللجان النوعية»، في ما يبدو محاولة لتصدير صورة من الاستجابة للمطالب الجماهيرية، عشيّة الانتخابات الرئاسية المقرّرة في العام المقبل. وفي هذا الإطار، سيجري التراجع عن إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات، والذي يُفترض أن ينتهي العمل به بحلول عام 2024، وفق ما ورد في القوانين المنظِّمة للعمليّة الانتخابية، والتي حدَّدت مدّة ذلك الإشراف بـ 10 سنوات، لدى إقرار دستور 2014، وهو ما يعني أن أيّ انتخابات ستجرى بعد 2024، لن تخضع للإشراف القضائي الكامل. وليس التراجع المذكور، والذي أعاد أعضاء الحوار الوطني المطالبة به، وقوبل باستجابة من جانب السيسي، إلّا جزءاً من سيناريو تعديلات تشريعية موسّعة سيُصار إلى إقرارها خلال الفترة المقبلة، في إطار السعي لتحسين صورة النظام، وإحداث زخم قبيل إعادة انتخاب السيسي.ومن بين التشريعات التي سيطالها التعديل تلك الخاصّة بالعملية الانتخابية، وهو ما قد يمهّد لتعديل دستوري جديد، يلغي، في غضون العامَين المقبلَين، شرط عدم قدرة السيسي على الترشّح لفترة رئاسية جديدة في 2030، وفق ما يقتضيه الدستور الحالي، الذي جرى تعديله قبل أربع سنوات للسماح للسيسي بالترشّح لانتخابات العام المقبل استثنائياً، فيما تمّ تمديد فترة الولاية الرئاسية عامين. وتمثّل عودة الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية خطوة متعدّدة الأهداف؛ فالنظام يرغب في تظهير النتائج بوصفها صدرت في أجواء نزيهة وتحت إشراف القضاة بشكل كامل، علماً أنه كان قد أحكم السيطرة الكاملة على مختلف الهيئات القضائية وقيادتها، وعمل على مراجعة ملفّات جميع القضاة من الناحية الأمنية. وتشرف «الهيئة الوطنية للانتخابات» المكوّنة من 10 قضاة على العملية الانتخابية بشكل كامل، حيث يعمل هؤلاء على التحضير للاستحقاقات في مقابل مكافآت وبدلات، فيما انتقاؤهم يخضع لموافقة جهات سيادية، وهو ما يفسّر حقيقة أن هذه الهيئة التي تَفرض سريّة على بعض البيانات «من أجل المصلحة العامّة»، تَنشر وتعلِن ما تريده فقط للرأي العام. تجدر الإشارة إلى أن المادة 210 من الدستور التي تنظّم عمليّة الإشراف على الانتخابات، تَمنح «الهيئة الوطنية» سلطة الاستعانة بالقضاة من أجل الإشراف الكامل على الاستحقاق، في حين تختصّ المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطعون الانتخابية، وتُناط بمحاكم القضاء الإداري الطعون الخاصة بالانتخابات المحلية والتي لم تجرِ منذ عام 2010.
يتحرّك النظام من أجل إدخال تعديلات على التشريعات الخاصّة بالعملية الانتخابية


في هذا الوقت، وفي إطار اشتغال أعضاء الحوار الوطني بقيادة المنسّق، ضياء رشوان، على إمرار ما يرغب فيه النظام، ستجتمع «اللجان النوعية» اعتباراً من أيار المقبل للمرّة الأولى من أجل مناقشة القضايا والمشكلات المجتمعيّة، على أن تُنفّذ الحكومة ما يُطلب منها عبر الأجهزة السيادية التي ستجبِر نواب البرلمان على التصويت بشكل فوري ومن دون مناقشات على أيّ تعديلات تشريعية. وعليه، فإن أشهر الصيف المقبل ستشهد زخماً كبيراً، هدفه الأساسي محاولة تقديم أسلوب وشكل جديد للحكم يعبّر عن الولاية المقبلة للسيسي. زخمٌ قد يسبقه أو يليه تعديل وزاري موسّع يطيح حكومة مصطفى مدبولي التي يحاول الرئيس ودائرته تحميلها مسؤولية الإخفاقات، في وقت لا يُتوقّع فيه دخول أيّ مستشارين جدد إلى دائرة السيسي المنفرد بالقرارات.