القاهرة | في ظلّ الارتفاع المطّرد في أسعار الأراضي في مصر، خاصة تلك التي تطرحها الحكومة للقطاع الخاص من أجل تنفيذ مشاريع عليها، جاءت الضوابط التي اعتمدها رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الأسبوع الفائت، بشأن آلية تنفيذ تلك المشاريع لتنبئ بأوّل صدام مع المطوّرين العقاريين الذين يشكون أساساً من منافسة القطاع العام لهم. واستثنى قرار مدبولي المشاريع الحكومية كافّة من الضوابط الجديدة، فيما ألزم الشركات بعدم الإعلان عن المشاريع إلّا بعد الحصول على جميع الموافقات المطلوبة، إلى جانب تحديد طبيعة المشروع بحسب مساحته، ووضع الكلفة الإنشائية والبرنامج الزمني ونسبة الإنجاز ضمن الأوراق المُقدَّمة، فضلاً عن إعداد ميزانية كاملة وتخصيص 20% من إيراداتها للمصروفات الإدارية، مع فتح حساب بنكي مستقلّ يتمّ الإيداع فيه والسحب منه تدريجياً بما يتوافق واحتياجات المشروع.وستَحدّ هذه الضوابط من نشاط شركات القطاع الخاص بشكل كبير؛ إذ سيُواجه المطوّرون العقاريون مشكلات عدّة أبرزها أن الجدول الزمني ليس ملزِماً للجهات الحكومية التي يُشترط الحصول على موافقتها لبدء الأعمال الإنشائية، كما أنه لم تُحدَّد أيّ قواعد ملزِمة لها من أجل مساعدة الشركات. ويُضاف إلى ما تَقدّم، أن الحكومة تَفرض على المُطوّرين متابعة الحسابات وأوجه الإنفاق بشكل دوري، من دون أن تُلزم نفسها بأيّ تسهيلات لهم، سواءً من ناحية تيسير الإجراءات بمجرّد إتمام عملية بيع الأراضي، أو دعم المشروعات العقارية التي تستهدف الطبقات المتوسّطة، خصوصاً لناحية تسهيل عملية السداد أمام المُطوِّرين الذين سيكون عليهم تأمين مبلغ يغطّي المرحلة الأولى أو المشروع بالكامل قبل بدء العمل، وهو ما سيَصعب تحقيقه؛ بالنظر إلى أنه مع تزايد حضور القطاع الخاص في تنفيذ وحدات سكنية خلال العقد الأخير، بات السداد على عدد سنوات أكبر (تصل إلى 10) من دون فوائد، هو النظام الأكثر شيوعاً بين المُطوّرين.
مَنح القرار الحكومي الشركات العاملة في السوق كافة مُهلة عام لتسوية أوضاعها


لكن الحكومة تسعى اليوم إلى إعادة صياغة العلاقة مع شركات التطوير العقاري التي تستحوذ على حصّة لا يستهان بها من المشاريع، وتُحقّق أرباحاً جيّدة نتيجة الإقبال على شراء العقارات. وبينما مَنح القرار الحكومي الشركات العاملة في السوق كافّة مُهلة عام لتسوية أوضاعها - وهي مهلة يُتوقّع تمديدها في المرحلة المقبلة بسبب صعوبة الشروط -، يبدو أن ذلك سيخدم العملاء بشكل كبير، خاصة في ظلّ تأخُّر عدد من الشركات عن تسليم الوحدات السكنية في موعدها، بالإضافة إلى أن إخضاعها لعملية مراقبة دقيقة في تنفيذ مشروعاتها سيساعد في تحسين عملية جنْي الضرائب منها، وملاحقة نشاطها المالي بشكل فعّال، وتضييق فرص التهرّب أمامها. في المقابل، يُتوقّع أن تلجأ بعض الشركات إلى استغلال بنود وردت في القرار لإعادة الأموال إلى العملاء الذين حجزوا في فترات ماضية، في مقابل إعادة طرح الوحدات لاحقاً بأسعار جديدة تُناسب الكلفة الفعلية، علماً أن الكثير من المُطوّرين غير قادرين على الالتزام بتنفيذ ما أعلنوه سابقاً، لأسباب عدّة يتقدّمها تَغيّر أسعار الخامات وانخفاض سعر الصرف بشكل مفاجئ.