بعد صراع مع مرض السرطان توفيت أمس جيهان السادات أرملة الرئيس الراحل أنور السادات، حيث أُخرج جثمانها في جنازة عسكرية مهيبة.
بعد أربعة عقود على مشاهدتها لحظة اغتيال زوجها الرئيس الراحل أنور السادات في حادث المنصة عام 1981، توفيت أمس جيهان السادات أرملة الرئيس الراحل عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد صراع طويل مع مرض السرطان تلقّت خلاله العلاج بين الولايات المتحدة ومصر، إذ قضت عقودها الأربعة الأخيرة، متنقلة بين البلدين على خلفية ما واجهته من صعوبات بعد اغتيال زوجها.

في رحلة جيهان السادات، الكثير من التقلبات والتغلب على الصعوبات أحياناً، والاستسلام في أحيان أخرى، فالسيدة التي ولدت لأم إنكليزية مسيحية وأب مسلم في جزيرة الروضة بالقاهرة، هي نفسها التي فضّلت تجاوز التقاليد والعادات، والزواج من الضابط محمد أنور السادات، بعد انفصاله عن زوجته السابقة. وقالت جيهان قبل وفاتها بفترة، إن إحدى العرّافات تنبأت لها أن تصبح ملكة على مصر، وهي قصّة أقرب للقصص الشعبية بعيداً عن مدى صحّتها.

(أ ف ب )


لكنّ جيهان السادات التي استطاعت الصعود بشكل تدريجي، برفقة زوجها إلى هرم السلطة بعد وفاة عبد الناصر، اتسمت بالقدرة على إدارة العديد من المواقف الصعبة بعدما أصبحت سيدة مصر الأولى، أنشأت في عام 1967 جمعية تعاونية في مسقط رأس زوجها تحديداً؛ قرية تالا، بمحافظة المنوفية «لتمكّن الفلاحات من تعلم الحرف اليدوية».

وخلال حرب عام 1973، ترأست الهلال الأحمر المصري وجمعية بنك الدم المصري، وكانت الرئيس الفخري للمجلس الأعلى لتنظيم الأسرة، كما كانت رئيسة الجمعية المصرية لمرضى السرطان، وجمعية الحفاظ على الآثار المصرية، والجمعية العلمية للمرأة المصرية، وجمعية رعاية طلاب الجامعات والمعاهد العليا، التي جمعت الأموال لشراء الكتب والملابس للطلاب، كما أنشأت دوراً للأيتام ومرفقاً لإعادة تأهيل المحاربين المعاقين. كما رافقت زوجها في مباحثات السلام مع إسرائيل.

ومن بين الروايات العديدة التي كُتبت عن تدخلاتها في السياسة، أنها كانت تعلم بمواضيع قبل أن يعرفها زوجها من بينها ما سرده الكاتب محمد حسنين هيكل لها عن وجود مؤامرة على زوجها قبل أحداث 15 مايو عام 1971 التي هدفت لإزاحة السادات عن السلطة.

اضطرت جيهان للسفر والعمل في الولايات المتحدة بعدما أقصيت من الحياة السياسية والاجتماعية وتقلّص دور الجمعيات الخيرية التي أسستها، لمصلحة جمعيات أخرى أسستها سوزان مبارك، مع توجيهات رسمية بتهميش مواقفها وتصريحاتها على المستوى الإعلامي وهو ما عانت منه على مدار نحو ثلاثة عقود قبل أن تخرج لتتحدث بعد ثورة 25 يناير عن العلاقة غير الجيدة التي ربطتها بعائلة مبارك.

(أ ف ب )


ورغم معاناة جيهان السادات، حتى بعد ثورة 25 يناير، إبان حكم الإخوان إلا أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حرص على الاحتفاء بها وتمجيد دورها في عدة مناسبات، لدرجة منحها وسام الكمال الذي لم يمنحه لأيّ سيدة منذ توليه السلطة قبل 7 سنوات وهو أرفع وسام للمرأة تمنحه الدولة المصرية، مع توجيه رئاسي بإطلاق اسمها على محور مروري جديد يجري تدشينه.