القاهرة | بشكل مفاجئ، أعلنت السلطات المصرية إغلاق «مطار سفنكس الدولي»، الواقع على أطراف القاهرة، لمدّة شهرين، بدعوى إجراء أعمال إصلاح وتطوير فيه. لكن في الواقع، يأتي الإغلاق على خلفية ثبوت عدم الجدوى الاقتصادية من المطار، الذي لا يزال غير مؤهّل بشكل كامل لاستقبال طائرات الرحلات الدولية وحتى المحلية. وكان المطار، الذي بدأ العمل فيه رسمياً قبل عامين، أُنشئ على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوي، بالاستفادة من المطار العسكري الموجود في الموقع نفسه، حيث جرى تجهيز جزء من أرض مطار غرب القاهرة العسكري ليكون ضمن المطار المدني، الذي تأسّست صالة وصول فيه بطاقة استيعابية تقلّ عن 40 ألف راكب سنوياً، وهو رقم هزيل جداً لا يتناسب مع طبيعة المطار الذي تضع الحكومة المصرية صفة «الدولي» على أبوابه بينما لا يزال غير مدرج على قائمة المطارات الدولية.وباستثناء بعض الرحلات الداخلية التي نظّمتها «شركة مصر للطيران» وبعض الشركات الخاصة لشخصيات محدّدة، فإن المطار لم يستقبل أيّ رحلات هامّة في العامين الماضيين، لأسباب عدّة في مقدّمتها التجهيزات البدائية التي يتمّ العمل بها، ومحدودية صالة الوصول، بالإضافة إلى الأجهزة الملاحية المستخدمة، والتي لا يمكن قبول العمل بها ضمن المعايير الدولية، فضلاً عن عدم قدرة المطار على استقبال أيّ طائرات في الليل أو في أوقات العواصف والتقلبات الجوّية الحادّة، على العكس من مطار القاهرة الذي يبعد عنه أقلّ من 15 دقيقة بالطائرة. و»سفنكس» هو أحد مطارَين قرّرت وزارة الطيران المصري تأسيسهما لتخفيف الضغط على مطار القاهرة (أقيم الآخر في العاصمة الإدارية الجديدة)، لكنّ كليهما لا يمكنهما استقبال أيّ طائرات كبيرة الحجم من طائرات الركّاب، كما لا يمكن لصالاتهما خدمة أكثر من 300 راكب في الساعة بطاقة العمل القصوى، ما جعلهما بلا عوائد تُذكر، وقصَر العمل فيهما على طائرات صغيرة الحجم.
ما تسعى إليه الحكومة في الوقت الحالي هو إيجاد آلية أخرى للاستفادة من المطار


وأريد من المطار الجديد أن يكون بوّابة لرحلات اليوم الواحد الدولية، والتي تسمح للسائحين بزيارة القاهرة وتفقّد المتحف المصري الكبير ومنطقة الأهرامات التي تبعد أقلّ من 30كم، والعودة إلى بلادهم مجدّداً ضمن رحلات «طيران الشارتر» التي ترغب وزارة السياحة في تكثيفها مستقبلاً. لكن حتى هذه الرحلات، بخلاف ارتفاع كلفتها ولا منطقيّتها، لن تكون قادرة على التعامل مع مطار «سفنكس» منفردة، بسبب عدم إمكانية إقلاع الطائرات ليلاً منه. وعلى رغم الحوافز التي قدّمتها وزارة الطيران لاستخدام المطار الجديد الذي فاقت كلفة إنشائه 500 مليون جنيه في زمن قياسي، ضمن عمليات التوسّع في إنشاء المطارات المختلفة على مستوى الجمهورية، إلّا أن أيّاً من شركات الطيران الدولية لم تطلب الاستعانة بخدمات المطار الجديد، لأسباب عدّة في مقدّمتها عدم القدرة على مبيت الطائرات فيه، وعدم جدوى تشغيله بوجود مطار القاهرة القريب منه. كذلك، فإن المرافق التي تمّ تجهيزها على أعلى مستوى لاستقبال كبار الزوار، خاصة في ما يتعلّق بالخدمات والقاعات ومسارات المسافرين، لم تُستخدم سوى لساعات قليلة على مدار العامين الماضيين.
ما تسعى إليه الحكومة في الوقت الحالي، هو إيجاد آلية أخرى للاستفادة من المطار، سواءً بتوسعته بشكل أكبر وتعديل الممرّات الجوّية فيه وتحديث أنظمة العمل به، أو تجميد أيّ خطوات في المرحلة الراهنة، وإبقاء الوضع على ما هو عليه، عبر إغلاق «سفنكس» بشكل غير معلَن في وجه الرحلات حتى إشعار آخر، خاصة أن عمليات التوسعة تتطلّب نحو مليارَي جنيه على الأقلّ، لتضمن مواصفات عالمية بشكل حقيقي، وتجعل المطار يحمل صفة «الدولي» فعلياً وليس اسمياً فقط.