القاهرة | عادت الاتصالات المصرية ــــ التركية بصورة معلَنة، بعد وقْف التنسيق بين البلدين، على خلفية ما تقول مصر إنها "مواقف تركية مزدوجة" في شأن التعامُل مع قضايا وملفّات كان يُفترض أن تُنجزها أنقرة، لكنها "لم تُنفّذ أيّاً منها حتى الآن"، وهو ما أثار غضب القاهرة، التي قرّرت إيقاف أيّ تنسيق أمني، ثمّ أوقفت الاتصالات الدبلوماسية. وكانت تلك الاتصالات قد بدأت على مستوى رفيع، بعدما تلقى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اتصالاً من نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، للتهنئة بقدوم شهر رمضان بداية الأسبوع الجاري، في خطوة غير مألوفة بين الوزيرين. وجاء ذلك بعد أيّام قليلة من اتّصال مماثل تلقّاه رئيس البرلمان المصري، حنفي جبالي، من نظيره التركي، مصطفى شَنطوب، ضمن المساعي التركية لتبادُل الاتصالات وإعادة التنسيق قبيل تطبيع العلاقات واستعادة التمثيل الدبلوماسي الكامل.وخلال الأيام التي سبقت اتّصال جاويش أوغلو بشكري، لم تكن أنقرة، بحسب ما تَسوقه القاهرة، واضحة تجاه التعامل مع قضايا محورية، في مقدّمتها ملفّ «الإخوان المسلمون»، والملفّ الليبي، ووضْع قنوات «الإخوان» التي تبثّ من تركيا وتوقّفت برامجها الحادّة مؤقّتاً من دون إعلان حاسم بإغلاقها، وهو ما حدث بالفعل بعد "الغضْبة" المصرية. وطبقاً لاتصالات الأسبوع الماضي، عبّرت مصر عن سأمها مما تصفها بـ"المماطلة" التركية، مؤكّدة أنها لن تتخلّى عن مطالبها "تحت أيّ ظرف"، ولن تقبل «المساومة على تحقيق ما تطلبه قبل استعادة العلاقات».
جرت اتصالات تركية ــ مصرية على مستوى وزيرَي الخارجية ورئيسَي البرلمان


وعلى رغم أن تركيا أبدت مرونة حيال الرؤية المصرية للملفّ الليبي، لكن الخلاف الرئيسي يكمن في آلية التعامُل مع «الإخوان»، ومستقبل القنوات "الإخوانية" التي تبثّ من الأراضي التركية، إلى جانب مصير العناصر المطلوبين داخل تركيا، وخاصة أن المصريين أكدوا رفضهم احتواء المعارضة التركية، مطالبين بالمعاملة بالمثل. لذلك، اختارت القاهرة التصعيد وسياسة المواجهة، لتُفاجَأ باستجابة تركية سريعة ووعْد بتحقيق جميع المطالب خلال الأسابيع المقبلة، لكن تدريجياً، والتوقُّف عن أيّ تعليقات سلبية، بل "إظهار روح الودّ" في أيّ تصريحات رسمية، مع تبرير التأخير بوجود اتفاقات مسبقة لا يمكن إنهاؤها مباشرة، فضلاً عن النقاش مع أطراف دولية عدة. مع هذا، سُجّل إحجام شكري عن إصدار بيان حول الاتصال الذي تلقّاه من أوغلو، في ما يؤشّر إلى استمرار نظر القاهرة بـ"ريبة" إلى الوعود التركية.
في المقابل، يبدو القرار المصري مرهوناً بأمور عدّة، في مقدّمتها ما سيحدث في قنوات التواصل المفتوحة بين تركيا واليونان، ولا سيما أن أثينا تريد استمرار وقوف القاهرة إلى جانبها، وخاصة في ما يتعلّق بمنطقة شرق المتوسط وحقول الغاز، وهي إحدى النقاط الخلافية بين تركيا وجيرانها الأوروبيين. لكن حتى الآن، تبدو مصر قادرة على تحقيق التوازن بين علاقاتها مع مختلف الأطراف، كما يقول مسؤولون، مع تشديدهم على أن التصالح مع أنقرة «لن يكون على حساب أيّ من شركاء القاهرة في أيّ من الملفات... ستعمل مصر على حلّ هذه الخلافات وربّما القيام بأدوار للوساطة أكثر من أيّ وقت مضى».



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا