القاهرة | في خطوة تستهدف إجبار النظام المصري على الاستجابة للضغوط المتزايدة عليه في ملفَّي حقوق الإنسان والحرّيات، أقرّ الكونغرس الأميركي ضوابط لصرف المعونة التي تحصل عليها مصر من الولايات المتحدة سنوياً بموجب اتفاقية «كامب ديفيد»، وخاصة أنها لا تزال الثانية كبراً في المنطقة مِن بين مَن يحصلون على مساعدات أميركية، بعد العدوّ الإسرائيلي. صحيح أن المعونة التي تقلّ عن 1.5 مليار دولار يُصرف معظمها للجيش، لكن قيود الكونغرس تطاول هذه المرّة المساعدات العسكرية المُقدّرة بـ 1.3 مليار دولار، والتي تأتي في صورة معدّات عسكرية وقطع غيار للمركبات الأميركية في الجيش.وعلى رغم العلاقة المتينة التي جمعت إدارتَي عبد الفتاح السيسي ودونالد ترامب، وتمرير الأخيرة المساعدات التي عرقلتها سابقتها (إدارة باراك أوباما) لمصر، فإن الضوابط الجديدة وضعت شروطاً على صرف 75 مليون دولار من المعونة العسكرية حتى التأكّد من تحسين الأوضاع الحقوقية في هذا البلد. وفي حال لم تتحقّق تلك الشروط، فإن المساعدات العسكرية ستتقلّص، فيما سيتمّ توجيهها نحو مصرف آخر أو تجميدها. وبذلك، قلّص الكونغرس صلاحيات الخارجية في صرف مخصّصات القاهرة، وإن أبقى لها حقّ التصرّف في جزء منها من دون الرجوع إليه.
وتنقسم المساعدات الأميركية لمصر في 2021 إلى: عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار، وتنموية بقيمة 125 مليوناً، والأخير رقم أقلّ بكثير من الذي حصلت عليه «المحروسة» بداية عهد ترامب لأسباب، بينها ما يرتبط بميزانية المساعدات نفسها. ولدى مصر حتى الآن نحو 300 مليون دولار من مساعدات 2020 التي يفترض أن تحصل عليها، لكنها معلّقة بسبب أوضاع حقوق الإنسان، وهي بحاجة إلى استثناء من «الخارجية» لتمريرها قبل مغادرة ترامب السلطة، وإلا سيكون بيد إدارة بايدن نحو 500 مليون دولار عن عامَي 2020 و2021، أي ما قدره نحو ثلث المساعدات السنوية، وهذه لا يُتوقّع منحها بسهولة في ظلّ الإدارة الجديدة.
حذت القاهرة حذو الخليج في استئجار شركة علاقات عامة لتحسين صورتها


على أن المخاوف المصرية الحالية لا تخصّ المبالغ المحجوبة في المعونة العسكرية فقط، بل تشمل طبيعة العلاقة مع الكونغرس و«الخارجية» خلال المرحلة المقبلة، وخاصة وسط الخشية من سياسة وزير الخارجية الجديد، أنطوني بلتكن، الذي له تصريحات داعمة لعدد من الحقوقيين مِمّن تعرّضوا لمضايقات السلطات المصرية. صحيح أن الإدارة الجديدة لم تبدِ مرونة حتى اليوم في التواصل مع النظام المصري، لكن الأخير يُعوّل على قضايا عدّة من أجل فتح الحوار واستكمال المساعدات التي تشكّل قضية رئيسة في العلاقات بين البلدين، على رغم أن المسؤولين المصريين يقولون إنها لا تؤثر كثيراً في الجيش وخطط تسليحه، مع أن تلميحات ترامب الأخيرة تثير جدلاً كبيراً في شأن الإجراءات الأميركية المتوقع اتخاذها في حال الإصرار المصري على امتلاك طائرات «سوخوي ــــ سو 35» الروسية.
يبقى الرهان المصري في مواجهة الإدارة الجديدة هو العمل على «إبراز مخاطر الإرهاب في سيناء وما تشكّله من تهديد لأمن إسرائيل»، كما تنقل مصادر مطّلعة، إلى جانب العمل على اتباع سياسة مختلفة مع الحزبين الديموقراطي والجمهوري عبر شركة علاقات عامة اتفقت معها السفارة المصرية لدى واشنطن قبل مدّة قصيرة.