القاهرة | يتواصل الغموض حول مصير بدء تخزين المياه في «سدّ النهضة» الإثيوبي المقرّر أن يبدأ خلال الشهر المقبل كما أعلنت أديس أبابا. ويأتي تخزين المياه في بحيرة السد، الذي لم يكتمل بناؤه، قبل أسابيع من الانتخابات الإثيوبية المقرّرة في آب/أغسطس المقبل، فيما يحاول رئيس الوزراء الحالي، أبي أحمد، البقاء في منصبه والحصول على غالبية تمكّنه من قيادة البلاد لسنوات مقبلة، بعد صدامات عنيفة معلنة وغير معلنة أخيراً.بالتوازي، قدمت الخرطوم مذكرة إلى مجلس الأمن تضمّنت «المخاوف السودانية من ملء بحيرة السد بانفراد ومن دون توافق بين الأطراف الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا)»، لكنها نفت أن تكون المذكرة خطوة تصعيدية أو أنها مرتبطة بالاحتكاكات الحدودية بين الجيش السوداني والإثيوبي على حدود البلدين. مع هذا، تحمل المذكرة تصعيداً فعلياً ودعماً للموقف المصري خاصة أن السودان غيّر موقفه من القرارات الإثيوبية المنفردة مقارنة بتحفّظه على قرار الجامعة العربية دعم الموقف المصري.
أصلاً لم يكن السودان مطالباً بتقديم أي إحاطات إلى مجلس الأمن عن الأزمة خاصة بعدما رفض في وقت سابق دعم الموقف المصري والتوقيع على المسودة التي تم التوصل إليها في مفاوضات واشنطن قبل أشهر، إذ وقّعت مصر فقط بعد انسحاب إثيوبيا قبل جلسة التوقيع بساعات بدعوى الانتخابات المحلية والعجز عن توقيع اتفاقات مصيرية حالياً. وحثّت الخرطوم مجلس الأمن على «منع أي إجراءات أحادية في السد»، وهو المطلب المصري نفسه.
في شأن متصل، رفضت مصر تأكيد أو نفي الأنباء عن طلبها من حكومة جنوب السودان إقامة قاعدة عسكرية بالقرب من موقع بناء السد، وهو الخبر الذي جرى تداوله على نطاق واسع خلال اليومين الماضيين. وقال مصدر عسكري لـ«الأخبار» إن مسألة القاعدة في جنوب السودان «ليست صحيحة لأنه لا يوجد تفكير من هذا المنطلق حالياً»، مشيراً إلى وجود قوات مصرية بالفعل في جنوب السودان ضمن قوات حفظ السلام الدولية العاملة هناك.
وعن تغيّر موقف السودان، كشف المصدر أن التحول «جاء بضغوط إماراتية ومصرية خلال الأسابيع الماضية خاصة بعدما قدمت أبو ظبي مساعدات إلى الخرطوم للتعامل مع أزمة كورونا، كما عرض مسؤولون مصريون على نظرائهم السودانيين في المخابرات تقارير حول خطورة تخزين المياه في السد من دون التأكد من سلامته خاصة أن السودان سيكون الأكثر تضرراً في حال انهياره دون ضرر لإثيوبيا بالقدر نفسه».
وحالياً يمكن القول إن السودان يأخذ دور الوسيط المباشر عبر لقاءات متكرّرة بين وزراء الري في القاهرة وأديس أبابا كل على حدة تمهيداً لاستئناف المباحثات المتوقفة منذ شباط/فبراير الماضي، وسط ترجيحات باستمرار إثيوبيا في قرارها بدء التخزين لكن جزئياً لأغراض انتخابية، على ألا يضر ذلك الحصة التي تصل مصر خلال العام الجاري على الأقل. فالأخيرة سبق أن وافقت على تخفيض مدة ملء بحيرة السد لتكون على سبع سنوات بدلاً من عشر كما كانت تطالب في البداية، وهي مدة وسطية لإثيوبيا التي كانت تطالب بخمس سنوات فقط مع استخدام مصر مخزون المياه الموجود لديها في بحيرة «السد العالي» في حال نقص الأمطار.