إسطنبول | عادت الأوساط «الإخوانية» المصرية إلى الحديث عن ملف العنف ضد الدولة، بعدما توارت تلك القضية منذ مدة. السبب هذه المرة توجيه القيادي في ما يعرف بـ«مكتب الأزمة» في الخارج، مجدي شلش، اتهامات إلى الأمين العام للجماعة (التيار التاريخي)، محمود حسين، بـ«العمالة للأمن المصري»، والعمل على وقف ما وصفه شلش بـ«المدّ الثوري». صاحب الاتهامات عضو في «لجنة الأزمة» التي شكلها القيادي محمد كمال، قبل أن تقتله السلطات عام 2016 لمسؤوليته، وفق رواية وزارة الداخلية، عن «إدارة جماعات العنف» في البلاد، و«قتل عشرات الضباط من الجيش والداخلية».هذه المرة، يقول شلش، كما تنقل مصادر، إن القيادة التاريخية وراء «وقف النضال المسلح»، وذلك بسبب «تعامل حسين مع الأمن»، وإن قيادياً في «الإخوان المسلمون»، يدعى هاني نوارة، دخل مصر في عام 2015 من مطار القاهرة قادماً من تركيا من دون أي مضايقات، بعدما «كلّفه الأمين العام إغلاق ملف السلاح وتهديد القائمين عليه بتسليمهم للأمن». ويضيف شلش: «نوارة حضر اجتماعاً مهماً في مصر، وأثناء كلامه قال بحدّة إنه مرسَل من الدكتور حسين لإنهاء أعمال كمال ولجنته». بعد ذلك، جاء قرار الانتخابات الداخلية على مستوى الجمهورية وفي تركيا لتغيير القيادات «التي تؤمن بالعمل المسلح... وهو ما حدث بالفعل».
إلى هنا، انتهت شهادة مجدي شلش، لكن أحد قياديي «الإخوان» الذين يتحدثون باسمها في المنابر الدولية قال إن هذه الرواية فيها «مبالغة كبيرة»، خاصة أن تيار شلش كان قد جرّ التنظيم إلى صدام مسلح مع الدولة «دفع ثمنه العشرات، وعلى رأسهم كمال». ويضيف أنه على رغم حالة الترصد والاعتقالات عقب إطاحة الرئيس الراحل محمد مرسي، فإن التيار الغالب كان يرى أن الصدام المسلح لن يحقق سوى قتل المزيد من الأعضاء من دون مكاسب.
يشار إلى أن شلش استطاع الهرب من مصر عقب قتل كمال، وذهب إلى تركيا حيث بقي مصرّاً على تبنّي المواجهة، فيما لا ينكر كثيرون أن نائب المرشد العام، إبراهيم منير، أدى دوراً كبيراً في وقف حالة الصراع التي حاول كمال ومجموعته تمريرها كقناعة عامة داخل التنظيم، وذلك عبر لقاءاته المتكررة مع البريطانيين واجتماعاته مع مجلس العموم لتقديم الأدلة على أن الجماعة «تنظيم سلمي»، كذلك فإن منير وراء القرار بفصل كل المحسوبين على تيار كمال.
في ملف آخر، يواجه أعضاء من «الإخوان» في السعودية أزمة كبيرة بعد صدور أحكام بحقهم ضمن جملة المعتقلين بتهم لها علاقة بجمع تبرعات لحركة «حماس». وعلى رغم أن بعض هؤلاء، المسجونين حالياً في سجن أبها، من مواليد المملكة، فإن هذا لم يشفع لهم. ينقل أحد المحامين الذين يتابعون القضية أن الرياض اعتقلت في كانون الأول/ ديسمبر 2018 ستة مصريين من الجماعة، مقيمين هناك مع أسرهم من عقود.
وفق المحامي، استطاعت السلطات تتبع حسابات هؤلاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وحركة أموالهم من خلالها، ويبدو أنها واجهَتْهم بمحادثات عبر «فايسبوك» مع مقيمين في تركيا وفلسطين. لكن القضية ظلّت طيّ الكتمان، لأن أسرهم تعيش في السعودية، وتخشى، في حال الكشف عن التفاصيل للإعلام المحسوب على «الإخوان»، استهدافها. مع ذلك، بدأت التفاصيل تخرج إلى العلن بعدما حكم القضاء بحبس المجموعة 20 عاماً. ويقول المحامي نفسه إن التهمة الرئيسة المُوجهة إليهم كانت الإساءة إلى الذات الملكية، وهي التهمة الوحيدة التي بقيت في ملفاتهم من بين ما واجهوه أثناء التحقيق، ونالوا عليها السجن لعقدين.
وتعاني الجالية المصرية في السعودية منذ 2016، وتحديداً بعد فشل المحاولة الانقلابية في تركيا، عمليات استهداف واعتقال طاولت العشرات من قيادات الصفين الأول والثاني في الجماعة، وهؤلاء ما زالوا داخل السجون. وباتت حركة الأموال الخاصة بـ«الإخوان» تحت رقابة مشددة، ما دفع كثيرين إلى توصيل الأموال يداً بيد كحل بديل.