كذلك، يرصد التقرير معلومات معروفة للعامة، في مقدّمتها وجود أماكن احتجاز غير قانونية داخل معسكرات الجيش، وعمليات قتل خارج القانون، وتعذيب داخل المعسكرات، وإخفاء قسري لبعض الشبان، وهو ما أثير جدل في شأنه في مراحل سابقة تصاعَد خلالها التوتر بين الجيش والقبائل، قبل أن تتم تسوية الأمر وفق اتفاقات محددة لم يلتزم الجيش سوى بالحدّ الأدنى منها. كذلك فإن مُعدّي التقرير حاولوا مخاطبة المسؤولين، لكنهم لم يتلقوا ردوداً على مدار أشهر، في استمرار لسياسة التجاهل المعروفة.
اللافت أن معلومات القتل خارج القانون تبدو شبه موثقة في بيانات الجيش الذي يعلن مقتل إرهابيين من دون أن تكون في حوزتهم أسلحة، وكذلك حين يُعلن مقتل جميع العناصر الإرهابيين من دون أن يكون هناك شخص واحد على قيد الحياة يحال إلى التحقيق أو المحاكمة. حتى مَن يجري ضبطهم يتم التكتّم عليهم، ولا يتضح مسار قضاياهم أمام القضاء العسكري أو المدني، الذي لم يعلن الجيش إحالة قضية واحدة إليه إبان العمليات التي شهدت في بدايتها استنفاراً عسكرياً، بل ظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي خلالها ببدلته العسكرية داخل غرفة العمليات، مستلهماً روح الحرب التي كان يأمل إنهاءها في غضون أسابيع. أملٌ لم يجد سبيله إلى التحقق مع استمرار الحرب شهوراً من دون نتائج حاسمة، وهو أحد الأسباب الرئيسة التي تسببت في إقصاء وزير الدفاع، الفريق أول صدقي صبحي، بعد محاولة اغتياله لدى وصوله لتفقد القوات في سيناء.
لم يعلن الجيش إحالة قضية واحدة إلى محكمة خلال العمليات
على مدار «سيناء 2018»، نجح الجيش في تحجيم العمليات التي تستهدف قوات الجيش والشرطة، وهذا ما ظهر في تراجع عددها. كما يبدو أنه استطاع إيقاف تهريب السلاح بصورة كبيرة، الأمر الذي أثّر في الجماعات الموجودة هناك والمبايِعة لـ«داعش»، إذ لم تستطع تنفيذ أي عمليات كبيرة أخيراً. لكن عشرات الضباط والجنود سقطوا قتلى ومصابين بسبب ضعف التنسيق في بعض الأحيان، أو الاستهانة بإمكانات الإرهابيين، فضلاً عن استخدام معدات غير مناسبة في بعض المناطق، ما عطّل تحركات قوات الإسناد أحياناً.
ومن المهم التذكير بأنه لم يكن لـ«العملية الشاملة» أن ترى النور من دون تنسيق عسكري مع العدو الإسرائيلي على أعلى مستوى، في ظلّ التحسن المطّرد في العلاقات بين السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. والجدير ذكره، هنا، أن الأخير وافق على دخول أضعاف القوات التي يُسمح بوجودها في سيناء، وبأسلحة ثقيلة مخالفة لـ«اتفاقية كامب ديفيد» من دون اعتراض، بل سُمح للطائرات المصرية بالتحليق وتنفيذ عمليات نوعية في المنطقة «ج» التي يُحظر فيها الطيران العسكري، إضافة إلى دخولها المجال الجوي فوق فلسطين المحتلة، وهو ما تحدث عنه السيسي علناً للتدليل على قوة العلاقة والتنسيق.