أقرّ مجلس النواب المصري مشروع «الموازنة العامة للدولة» عن عام 2019 ــــ 2020 بموازنة يذهب ثلثها تقريباً لسداد فوائد القروض فقط، مع استهدافها نسبة عجز تصل إلى 7.1% من الناتج المحلي، في وقت كشف فيه وزير المالية، محمد معيط، عن السعي إلى توقيع اتفاق جديد دون قروض مع «صندوق النقد الدولي».الموازنة سيبدأ العمل بها بداية الشهر المقبل، وهي التي يذهب ثلث مصروفاتها إلى الفوائد التي سوف تسدد بقيمة 569.1 مليار جنيه (100 دولار = 1700 جنيه تقريباً) بجانب 375 مليار جنيه هي أقساط الديون والقروض الواجب سدادها. يأتي ذلك وسط إجمالي مصروفات كبير يقدر بـ 1.574 تريليون جنيه مقابل إيرادات تقدر بـ 1.1 تريليون، ما يعني القدرة على تغطية 72% من المصروفات، ونسبة عجز نقدي عالية ستحاول الدولة تغطيتها بالقروض لتصل بها إلى 7.1% من الناتج المحلي.
في هذا الإطار، توقع الوزير معيط أن تقترب معدلات النمو من 6% خلال العام المالي المقبل، بالإضافة إلى «خفض معدلات التضخم لرقم أحادي بالتنسيق مع البنك المركزي»، علماً بأن الاستثمارات الحكومية الممولة من الخزانة العامة زادت بنسبة 40% لتصل إلى 140 مليار جنيه، في وقت لم تزد فيه ميزانية وزارة الصحة سوى 11.2 مليار جنيه لتسجل 73 ملياراً، في حين أن الدولة زادت مخصصات التعليم بـ 16.4 مليار جنيه فقط، لتسجل 123 ملياراً.
البرلمان والحكومة روج كلاهما للموازنة الجديدة على أنها «الأضخم» نتيجة لزيادة مخصصات عدد من البرامج ذات البعد الاجتماعي، مثل أجور العاملين في الجهاز الإداري للدولة التي بلغت 301 مليار جنيه (بزيادة 31 ملياراً) تنفيذاً لقرار الرئيس رفع الحد الأدنى للأجور من 1200 جنيه إلى 2000 شهرياً، إضافة إلى تمويل حركة الترقيات بتكلفة 1.5 مليار جنيه، ومنح جميع العاملين في الدولة العلاوة الدورية بحد أدنى 75 جنيهاً شهرياً، وإقرار 150 جنيهاً كـ«حافز شهري» مراعاة لأوضاع صغار الموظفين.
في سياق متصل، كشف معيط أن الحكومة تتفاوض مع «صندوق النقد» على اتفاق جديد دون قروض يتوقع توقيعه خلال تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، مشيراً إلى أن «المالية» تعمل على استكشاف برامج الصندوق التي تنطبق على مصر بعد نهاية اتفاق قرض الـ 12 مليار الذي ستحصل البلاد على شريحته الأخيرة خلال الأيام المقبلة. ونقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عن الوزير أن البرنامج الجديد «يأتي تدعيماً لتعزيز النمو والإصلاحات الهيكلية التي تتبناها الحكومة المصرية، فضلاً عن أهميته في إعطاء المستثمرين الثقة اللازمة بالاقتصاد المصري وضمان استمرار السياسات الاقتصادية الراهنة».
يأتي إعلان الاتفاق الجديد متزامناً مع ما سبق أن أعلنه مساعد معيط، حين قال إن الاتفاق الجديد سيجعل مصر تستقبل ما بين 6 و8 بعثات فنية من الصندوق خلال العام المالي الجديد، فيما تسعى الحكومة إلى جمع ما بين 4 و7 مليارات دولارات من آليات عدة؛ أهمها طرح سندات دولية من بينها سندات سوف تصدر بعملات غير الجنيه للمرة الأولى. وتعمل الحكومة على تخفيض العجز المستهدف بنحو 100 مليار جنيه بتطويل آجال بعض السندات، بالإضافة إلى جمع ما يتراوح بين 250 و500 مليون دولار بالسندات الخضراء. ومن المتوقع جمع مبالغ مماثلة بطرح سندات بالين الياباني (ساموراي) وباليوان الصيني (الباندا)، وهي الخطوة التي لا تزال بانتظار موافقة مجلس الوزراء خلال الأسابيع المقبلة.