القاهرة | استجابت الحكومة المصرية بصورة كاملة لطلبات «صندوق النقد الدولي» كافة، من أجل الحصول على الشريحة الجديدة والأخيرة من قيمة قرض الـ12 مليار دولار، على أن تُصرف خلال أيام بعدما رفض الصندوق صرفها الشهر الماضي على خلفية التزام القاهرة سعراً ثابتاً لتصريف عملتها المحلية، وأيضاً ما رأت إدارة «النقد الدولي» أنه تراخٍ رسمي في إجراءات رفع الدعم عن أسعار المحروقات، وربطها بالأسعار العالمية.جراء ذلك، أعلن محافظ «البنك المركزي»، طارق عامر، أن سعر صرف الجنيه سيشهد مزيداً من التقلبات قريباً، مع إنهاء العمل بآلية ضمان تحويل أموال الأجانب. ونقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عنه أن البنك «سيكون على أهبة الاستعداد لمواجهة المضاربين في العملة خلال المدة المقبلة». وأكد عامر «وجود احتياطيات تساعدنا على مواجهة أي مضاربات أو ممارسات تسبّب اضطراباً في السوق»، مشيراً إلى أنه سيكون على المستثمرين حالياً «التعامل في سوق الإنتربنك بعدما أوقف العمل بالآلية التي كانت تضمن للمستثمر الأجنبي الحصول على النقد الأجنبي عندما تكون لديه الرغبة في التخارج من أوراق مالية محلية». والهدف من ذلك تشجيعهم على العودة إلى مصر، إذ صار بإمكان المستثمرين الراغبين في شراء أسهم وسندات وأذون خزانة مصرية الدخول والخروج عبر سوق الصرف بين البنوك «الإنتربنك»، وليس آلية «المركزي».
وكان الجنيه قد انخفض بنسبة 120% خلال تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وهو «التخفيض الأعنف» في قيمة العملة المحلية منذ صدورها. وفي العام الحالي، تتوقع بنوك استثمار تراجع سعره أمام الدولار بنحو 8% على الأقل بعد تصريحات عامر، مع تأكيدات بأن الانخفاض في قيمة صرف الجنيه ستظهر تدريجاً، لكنها ستكون ملحوظة خلال النصف الثاني من العام، خصوصاً بعد تحرير أسعار المحروقات وربطها بالأسعار العالمية، مع إشارات إلى أن سعر الصرف قد يكون أعلى في العام المقبل.
توقعات بزيادة أسعار الفائدة بالتزامن مع زيادة أسعار الطاقة والمحروقات


في السياق، ذكر محافظ «المركزي» أنه يُحتمل أن يلجأ البنك إلى «استخدام سعر الفائدة كأداة لمواجهة المضاربات»، علماً بأن تقرير البنك الصادر بداية هذا الشهر تحدث عن «تراجع في استثمارات الأجانب في أذون الخزانة الحكومية بالعملة المحلية» للشهر الثامن على التوالي.
تصريحات عامر جاءت بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر دافوس»، وقبل ساعات من لقاء رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، مع النائب الأول للمدير العام لـ«النقد الدولي» ديفيد ليبتون، الذي «ثمّن التعاون القائم بين مصر والصندوق، وما تم تحقيقه حتى الآن من نجاحات استفاد منها الاقتصاد المصري، وأصبح في وضع تنافسي متميز وجاذب للاستثمارات»، مشيراً إلى أن القاهرة «حريصة على استمرار هذا النجاح».
وسط ما سبق، يقدّر خبراء أن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه ربما يصل إلى أكثر من 10% هذا العام، مع توقعات بزيادة أسعار الفائدة مرة أخرى بالتزامن مع زيادة أسعار الطاقة والمحروقات قبل بداية العام المالي المقبل (الشهر السابع من كل سنة)، وهو ما سيرفع معدلات التضخم مجدداً.
وسعر الدولار المستهدف في ميزانية العام الحالي هو 17.25 جنيه، وهو أقل من السعر الحالي الذي يصل إلى 17.90 في المتوسط، مع الأخذ في الاعتبار أن أي تراجع للعملة المحلية أمام الأميركية بنحو جنيه واحد قد يؤثر سلبياً في التقدير الأول للموازنة بنحو 3 مليارات جنيه، وذلك جراء تراجع الفائض الأولي المستهدف بنحو 0.5% من الناتج الإجمالي.
تعقيباً على المشهد الاقتصادي، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن «برنامج الإصلاح كان شديد القسوة، لكنه كان حتمياً... كان المطلوب إجراء معالجة حاسمة للحالة التي كان الاقتصاد قد وصل إليها». وأضاف في كلمة خلال احتفال «عيد الشرطة» أمس، أنه لم يكن هناك من طريق آخر أمام مصر سوى المضي في هذا البرنامج، لأن «البديل كان ببساطة طريق الضياع»، مستدركاً: «قطعنا الشوط الأكبر من برنامج الإصلاح... ما تبقى ليس كثيراً، كما لن يكون أقسى مما كنا فيه». وشدد السيسي على إكمال البرنامج حتى نهايته، لافتاً إلى أن «كل المؤشرات الصادرة عن المؤسسات الدولية المختصة تؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح».