القاهرة | يستمر الحديث عن انتخابات الرئاسة المصرية عام 2022، رغم التلميحات إلى إجراء تعديلات دستورية تسمح لعبد الفتاح السيسي بالترشح لولاية ثالثة، خاصة أن الدستور حالياً يلزمه ألا يترشح مجدداً. مع ذلك، تحدث وكيل مجلس النواب، سليمان وهدان، عن نية رئيس حزب «الوفد»، رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان، المستشار بهاء أبو شقة الترشح لانتخابات 2022 ضمن خطة الحزب للترشح في جميع الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بما فيها الرئاسية.تصريحات وهدان، التي جاءت بعد فوزه بعضوية «الهيئة العليا للحزب» التي جرت أخيراً، تطرقت للمرة الأولى إلى مرشح محتمل ينافس في الانتخابات، من السياسيين الداعمين للسيسي ونظامه بالكامل، بل هو جزء من أدوات هذا النظام. فأبو شقة (80 عاماً) الذي تولى رئاسة «الوفد» في الانتخابات الأخيرة، نجله هو محمد، وهو محامي السيسي، الذي أشرف على تقديم أوراق ترشح «الجنرال» في انتخابات 2014 و2018، وهو نفسه الذي مرر جميع التشريعات التي رغبت الدولة في إقرارها دون اعتراض أو تحفظ، باستثناء موقفه من مصرية جزيرتي تيران وصنافير، على عكس الموقف الرسمي.
المؤكد أن هذه التصريحات من وكيل البرلمان المختار من الجهات الأمنية لمنصبه ليست مصادفة، خاصة مع تزايد الحديث المبكر عن الانتخابات المقبلة، وهل سيكون هناك منافسون من داخل التيار نفسه في الانتخابات المقبلة، وذلك بعد الأزمة التي حدثت في الانتخابات الأخيرة ودفعت رئيس حزب «الغد» المؤيد للسيسي، موسى مصطفى موسى، إلى الترشح ومنافسته شكلياً لاستكمال الإطار الديكوري للعملية الانتخابية.
أبو شقة، وهو أحد المحامين المخضرمين، لم يصرح برغبته في الترشح رسمياً بعد، لكن وهدان ربط ترشح رئيس «الوفد» بموافقة «الهيئة العليا» التي أتم انتخاباتها نهاية الأسبوع الماضي، في ربط يأتي منطقياً بعدما رفض الحزب ترشيح رئيسه السابق السيد البدوي في انتخابات 2018، معلناً دعمه للسيسي. وصحيح أن ولاية أبو شقة في رئاسة الحزب تنتهي في نيسان/ أبريل 2022، لكن حسم الموقف من الانتخابات سيكون قبلها بأشهر، خاصة أن الرئاسيات ستجرى في وقت يسبق انتخابات رئاسة الحزب. وحتى انتخابات «الوفد»، يحق فيها للمستشار الترشح لولاية ثانية على مبدأ حيازة دورتين فقط.
سيبقى أبو شقة في رئاسة حزب «الوفد» حتى انتخابات الرئاسة المقبلة


ولم يسبق لـ«الوفد» المشاركة في الرئاسيات منذ 2005 عندما خاض رئيسه نعمان جمعة المنافسة الشكلية أمام الرئيس الأسبق حسني مبارك في أول انتخابات تعددية تُجرى في البلاد، وحل ثالثاً بعد مبارك الذي اكتسح النتيجة، ورئيس «الغد» أيمن نور الذي جاء ثانياً. ثم اكتفى «الوفد» بعد «ثورة 25 يناير» بترك قرار التصويت لأعضائه، لكنه خاض الانتخابات البرلمانية وسط تحالفات.
على مستوى الشارع، لا يبدو «الوفد» قادراً على تكوين قواعد انتخابية، خاصة أن سياسته في العمل الميداني لم تتغير، فأقدم الأحزاب المصرية لا يعتمد إلا على استقطاب رجال الأعمال والتجار ليكونوا أعضاءً فيه ويترشحوا على قوائمه، سواء بالمقاعد الفردية أو القوائم الانتخابية، وهي سياسة اتبعها قبل 2011 ولا يزال عليها حالياً مع غياب أي نشاط حزبي شعبي والاكتفاء بتوزيع المناصب على جميع الأعضاء.
مع ذلك، يبدو الحديث عن رئاسيات 2022 مبكراً للغاية في دولة تسير بنظام اليوم بيومه. فباستثناء المشروعات التي وُضع لها جدول زمني لتنفيذها وتُضخ الأموال لها، تعمل الدولة على جميع المستويات بعشوائية ودون تنسيق للأولويات، فما تكاد تنتهي أزمة، حتى تخرج أخرى، وهو وضع لم يرتبط بالسياسة فقط بل بالاقتصاد الذي لم تعد الحكومة تعرف أولوياتها فيه. وعلى المستوى السياسي، يبدو المشهد ضبابياً مع انتظار قانون المحليات المنصوص عليه في الدستور لتُجرى أول انتخابات للبلديات منذ 2010، بالإضافة إلى ارتباك أولويات التشريع بين أهواء الرئيس، وأولويات الشارع، والضرائب التي تريد الحكومة زيادتها في محاولة لمعالجة عجز الميزانية المتفاقم.
وصحيح أن أحاديث متكررة تجري عن رغبة المرشح الرئاسي الأسبق عمرو موسى في الترشح في حال جدية إجراء الانتخابات، وتمكين حقيقي للشباب. لكن هذه الأحاديث باتت تواجه صعوبات، في ظل سعي الدولة إلى منع أي نشاط سياسي خارج سيطرتها، وخارج الأطر التي تفرضها الجهات الأمنية. لذلك، تبدو حتى فرصة موسى الذي شغل منصبي وزير الخارجية والأمين العام للجامعة العربية لمدة عقدين في غاية التعقيد.