يروّج لاجتماع مجلس الوزراء، في جلسةٍ مخصصةٍ للملف التربوي، على أنّه «عصا سحرية»، ويجري تحميله أكثر مما يحتمل وكأنّه «السّاعة الصفر التي سينقلب بعدها النظام التعليمي في لبنان إلى ما يشبه النظام في الدول الإسكندنافية»، ومن بعده ستنتهي مشكلات الأساتذة والمدارس الرّسمية والخاصة، ويخرج العام الدراسي عن طريق المطبات ليسير بسلاسة تامة.وزير التربية عباس الحلبي، ومنذ أكثر من أسبوع يرى في التوجه إلى اجتماع كهذا «إنجازاً مهماً»، على الرغم من عدم تحديد موعد الجلسة من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وترك الأمر رهن التوافق السّياسي حولها تارةً، وتأجيلها لحين «اكتمال تحضير الملف التربوي» من قبل الحلبي تارةً أخرى. في المقابل يشير نواب متابعون من لجنة التربية النيابية إلى «عدم تفاؤلهم بالجلسة، فالمطلوب تحقيق مطالب الأساتذة، لا عقد الاجتماع فقط». بعد الأول من شباط، لا يوجد أحد في لبنان يعيش على راتب ثابت لم يتغيّر «من أيام الـ1500»، سوى موظفي القطاع ومنهم أساتذة التعليم الرّسمي، والإنجاز بالنسبة لهؤلاء هو «تعديل رواتبهم، لا أخذ صور في جلسة مجلس الوزراء، فالعام الدراسي دخل مرحلة الخطر».

مسكّنات لا تعالج
«لا جدّية في التعامل مع الملف التربوي، والمعروض هي مسكّنات لن تعالج الأزمة»، بحسب إيهاب حمادة عضو لجنة التربية النيابية، الذي يتخوّف من «رد فعل سلبي للأساتذة»، متوقعاً «عدم خروج الجلسة، في حال عقدها، بسلّة حلول متكاملة، فالمتاح 6 ملايين دولار إضافية لوزارة التربية، فيما الحلّ يحتاج 40 مليوناً، عدا فروقات الطبابة، وضمان المتعاقدين». ولكنّ حمادة يرى حلولاً في أفق الأزمة، إلا أنّها لا تقارب مثل «تنفيذ قانون إعطاء وزارة التربية الـ500 مليار ليرة المقرّة في مجلس النواب، والمنسية في الأدراج»، كما يشير إلى «قرض بقيمة 100 مليون دولار موجود في مصرف لبنان من أيام الوزير أبو صعب، مخصّص للقطاع التربوي، ولكنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يرفض صرفه إلّا على الـ1500، كما جرى مع وزير التربية السّابق طارق المجذوب الذي لم يقبل بذلك».

صيرفة خط أحمر
وعشية الجلسة المرتقبة «أواخر الأسبوع الجاري، أو مطلع الأسبوع المقبل»، بحسب تصريحات لميقاتي، الذي لم يحدّد تاريخاً واضحاً لعقدها، تتسارع الاجتماعات بين روابط التعليم، وبين أعضاء في لجنة التربية النيابية، وآخرها مع رئيس اللجنة النائب حسن مراد. وبنتيجتها، يؤكّد أعضاء الروابط أنّ «الإنجاز ليس أصل عقد الجلسة، بل الوصول إلى تحقيق المطالب، وأهمّها تمكين الأساتذة من سحب رواتبهم على منصة صيرفة، وفقاً لسعر الدولار الجمركي، أي 15000، وهذا خط أحمر». ويشير حسين جواد رئيس رابطة التعليم الأساسي إلى «أهميّة تأمين معيشة الأستاذ على طول السّنة، لا خلال العام الدراسي فقط»، في إشارة إلى دفع الحوافز بالعملة الأجنبية خلال فترة التعليم فقط، فـ«صيرفة يجب أن تستمر صيفاً وشتاءً»، ويؤكّد جواد «أهميّة مخرجات الجلسة، لا صورة الانعقاد فقط، وإذا كان الهدف منها إعطاء بدل إنتاجية بقيمة 250 ألف عن كل يوم مرفوض، لا يعذبوا حالهم»، رافضاً المساومة على حقوق الأساتذة، إذ «لا سقف أعلى وسقف أدنى، لن نقبل بأقل من حقنا في تحسين الراتب، والحفاظ عليه من خلال صيرفة، وبدل نقل بالبنزين لا بالليرات، ودعم تعاونية الموظفين، والعقد الكامل للمتعاقدين». بدورها أوضحت مصادر الروابط خلال الاجتماع أن «لا عودة إلى التعليم براتب لا يُراوح من 450 إلى 600 دولار، فالدراسات تشير إلى حاجة العائلة في لبنان لهذا المدخول كي تعيش بشكل مقبول». أمّا بعد الجلسة، فـ«لا عودة مباشرة إلى التعليم قبل عرض ما سيتمّ تحصيله على الروابط، والجمعيات العمومية».

الوضوح والتصعيد
من جهة الأساتذة، هناك تخوّف كبير من جعل الإنجاز في أصل انعقاد الجلسة، لا تحقيق مطالبهم، إذ يشيرون إلى أنّ «العودة بـ130 دولاراً كحوافز لم تعد مقبولة في الوضع الحالي، والرواتب الثلاثة أقرّت عندما كان سعر الصرف يساوي 30 ألفاً، وهو اليوم يتجاوز الـ60»، رافضين بشكل قاطع «الحلول المناطقية» القائمة على توزيع المساعدات من قبل الفعاليات في المناطق، أو النواب، أو البلديات على أساتذة المنطقة، فـ«المطلوب حل كامل على مستوى لبنان». ومن الروابط يطلبون «عدم خيانتهم، واستخدام زخم التحرّك الحالي ورميه ورقة في وجه الحكومة، فهم من أطلقوا الإضراب لا النقابات».
المطلب الواضح سحب الرواتب وفقاً لسعر الدولار الجمركي


بالإضافة لما سبق، يطالب علي خليل الطفيلي مقرّر فرع بعلبك في رابطة الثانوي الروابط بـ«الوضوح لمعرفة ما المطروح على جدول الأعمال، والتصعيد قبل جلسة مجلس الوزراء، كي لا تنعقد وتخرج بقرارات غير مناسبة، بالتالي سيكون الأساتذة أمام خسارة للرأي العام، والعام الدراسي كلّه، فهم لن يقبلوا العودة مغبونين إلى المدارس، ولو سحبت رواتبهم كلّها». ويرفض طفيلي «إعادة تدوير وزير التربية للـ5 دولارات اليومية، وتغيير اسمها كلّ مرّة، فالمطلوب قبل كلّ شيء إعادة تفعيل تقديمات تعاونية الموظفين، فالأساتذة من دون تغطية صحيّة منذ ثلاث سنوات، وتصحيح الرواتب في الموازنة العتيدة، وبدل نقل حقيقي بالليترات لا بالليرات»، رافضاً المنطق الحكومي القائل بـ«بتعديل احتساب الدولار لكلّ شيء سوى رواتب القطاع العام»، مشيراً إلى «مخالفة وزير الاقتصاد الأخيرة التي تسمح بتسعير السّلع بالعملة الأجنبية!».