يعود أساتذة التعليم المهني إلى التعليم اليوم، بعد التزامهم بقرار روابط التعليم القاضي بتقليص الدوام بيومين أسبوعياً بدل أربعة وذلك حتى نهاية الشهر الجاري. في هذا الوقت، يستمّر الأساتذة المتعاقدون، الذي يشكلون أكثر من 90% من بنية التعليم المهني في إضرابهم، مع تسجيل خروقات تفرضها الحاجة إلى عدم إلغاء بدل الساعات.هذا الانقسام يعكس مشكلة المتعاقدين، الذين يحملون على أكتافهم استمرار هذا القطاع رغم إقفال باب إجراء مباريات عبر مجلس الخدمة المدنية لإدخالهم في ملاك التعليم المهني منذ العام 1997، بالإضافة إلى إلغاء شهادة LT التي كان يمنحها المعهد الفني التربوي ويسمح للحائز عليها بالولوج إلى ملاك التعليم المهني. منذ ذلك الحين، وملف المتعاقدين في التعليم المهني يعدّ من الملفات الصالحة للاستثمار والاستغلال في كلّ بازار سياسي وانتخابي.
يشكو المتعاقدون من التعامل معهم باستخفاف، حتى من قبل زملائهم في الملاك «لا يشكلون أكثر من 10% فقط، ويفرضون علينا الإضراب القسري، ويهددوننا بحذف ساعاتنا فيما لو اتخذنا قراراً بالإضراب للحصول على أدنى مقومات العيش وهي مستحقاتنا المالية للسنة ما قبل الماضية» يقول أحدهم، محاولاً اختصار حالة المتعاقدين وعدم دفع مستحقاتهم المالية والحوافز الموعودة، وحتى اتخاذ قرار بشأن بدل النقل، «أقرّوا بدل نقل لأساتذة الملاك ونحن لا، أين العدل؟ أستاذ الملاك يقبض راتبه شهرياً ونحن سنوياً. يرفضون حتى أن يدفعوا لنا فصلياً، ثم يفرضون علينا إضراباً قسرياً ونخسر ساعاتنا التي علمناها وتأتي مستحقاتنا ناقصة كما لو أننا لم نعلّم».
كلّ هذه الأسباب، دفعت متعاقدي التعليم المهني إلى اتخاذ القرار بالإضراب منذ أكثر من أسبوعين. يوضح عادل حاطوم، أحد أعضاء لجنة متعاقدي التعليم المهني، أن قرار الإضراب اتخذ «نتيجة التأخير في دفع مستحقات المتعاقدين المالية الكاملة عن العام الدراسي 2021 ـ 2022، والـ35% من مستحقات عن العام 2020ـ2021، وعدم البتّ ببدل النقل مع تغييب للحوافز من الدول المانحة، حيث وعدونا بدفع 130$ شهرياً، علماً أن الدول المانحة ربطت الدفع بدمج الطلاب السوريين في المدارس بدوام قبل الظهر، يعني مع الطلاب اللبنانيين، ورغم ذلك لم نحصل على تلك الحوافز». ومع تحويل مستحقات العام الدراسي الماضي، الأسبوع الفائت، تستمرّ شكوى المتعاقدين من معاناة قبضها من المصارف: «تذهب لقبض مستحقاتك، فتتعرّض للإذلال أمام المصرف، وتدفع نصف ما تتقاضاه بدل بنزين».
بدوره يوضح وليد نمير، عضو اللجنة العليا للمتعاقدين في التعليم المهني، أن «الإضراب بدأ به المتعاقدون منذ 5 كانون الأول الجاري ولن يتوقف إلا بعد تحقيق سائر مطالبنا، والتي تبدأ بالشروع في دفع الحوافز ورفع أجر الساعة للعام الحالي، مع الأخذ في الاعتبار خصوصية التعليم المهني والتقني لناحية الدرجات والفئات (مدرسي ومعهدي)». ويلفت نمير إلى أنّ الحوافز التي وعد بها وزير التربية مع انطلاق العام الدراسي «لم نحصل عليها رغم إنهائنا الشهر الثاني في التعليم، وبالفعل ليس لدى المتعاقدين القدرة على الذهاب إلى المعاهد من دون مساندة فعلية لهم، فنحن لا نتقاضى بدل نقل رغم أنهم باركوا لنا العام الماضي بإقراره ليعودوا ويكتشفوا ثغرة قانونية، واليوم يقولون إن هناك حلاً لهذه الثغرة، ونحن ننتظر الحل».
ليس هذا وحسب فمتعاقدو المهني يشدّدون على المطالبة برفع أجر ساعة التعليم، إذ من غير الممكن مواصلة التعليم على أجر الساعة القديم بحسب ما يؤكد نمير الذي لفت إلى أن «أجر ساعة المهني لا بد أن يكون تقريبياً للتكميلية المهنية والبكالوريا الفنية 180 ألف ليرة، وللامتياز الفني والإجازة الفنية 230 ألف ليرة، وحتى اليوم لم يتخذ القرار النهائي الذي من المفترض أن يقرّ قبل انتهاء العام الحالي وانتقال الأمور المالية إلى القاعدة الإثني عشرية لنعود بعدها إلى مطالبات واقتراحات جديدة، وكلّ ما يتم الحديث عنه اليوم ليس إلا تسريبات غير موثوقة تليها ذرائع وحجج لا علاقة لنا بها مثل تأمين الاعتمادات، فهذا عمل وزارة المالية ولا علاقة لنا به».
وعن رأيه في قرار أساتذة الملاك التعليم يومين أسبوعياً، يقول نمير «هذا تآمر على التعليم الرسمي المهني وعلى المتعاقدين. وكأنهم يعيدوننا إلى ثمانينيات القرن الماضي بالتعليم في المدارس الرسمية يوم والتعطيل يوم، بهذه الطريقة يحاولون أن يوفروا على الخزينة بإلغاء ساعات للمتعاقدين، بدلاً من وضع يدنا بيد بعض، يعملون على التفرقة، فلماذا عندما يتخذون القرار بالإضراب على المتعاقدين التقيد بالإضراب؟».