أشعل تحرّك فرع بعلبك - الهرمل في رابطة التعليم الثانوي، فتيل التحرّكات في مختلف المناطق. ففيما العملية التعليمية متوقفة في معظم ثانويات الهرمل منذ مطلع هذا الأسبوع، في تحرّك منفرد بعيد عن الهيئة الإدارية للرابطة وغير منسّق إلا مع أساتذة ثانويات المنطقة، تتمدّد الاحتجاجات لتشمل معظم الثانويات في بقية المناطق. ووسط هذا الصخب الاحتجاجي، يعمّ الهيئة الإدارية للرابطة صمت مريب، فبحسب أحد أعضائها «لم نجتمع منذ 15 يوماً».وكان اجتماع روابط التعليم (الأساسي، الثانوي والمهني) أول من أمس، قد حرّك المياه الرّاكدة، بعد اتخاذ قرار بـ«التوقف القسري»، وتقليص الدوام عبر «الحضور إلى المدارس والثانويات والمعاهد ليومين أسبوعياً فقط». ورأى المجتمعون «أن التحرّك الحالي بمثابة تحذير قبل عطلة الميلاد».

(هيثم الموسوي)


سيف الاستدعاءات
رغم ذلك، لم تمرّ انتفاضة الأساتذة في بعلبك - الهرمل من دون ضغوط تمارسها عليهم القوى الفاعلة في المنطقة لقمع التحرّك وإنهائه، مع مساندة من مديرية التعليم الثانوي في وزارة التربية عبر «استدعاء الأساتذة المحرّضين على الإضراب إلى بيروت للاستجواب». وتصل هذه الطلبات إلى الثانويات عبر «الواتسآب» لتعذّر نقل البريد عبر المناطق بسبب غلاء الوقود. يردّ أحد الذين تستدعيهم مديرية الثانوي، النقابي حسن مظلوم (أستاذ في ثانوية أديب سليمان)، برسالة «يعتذر فيها عن عدم الحضور من بعلبك إلى بيروت لأنّ تكلفة الزيارة تتجاوز المليون ليرة، والراتب لا تتجاوز قيمته الثلاثة ملايين ليرة»، ويطلب من «أركان الوزارة المثول أمام الأساتذة بعد سنتين من القهر كي يردّوا على التهم الموجهة إليهم». وفي الإطار نفسه، يحذّر مقرّر فرع بعلبك الهرمل علي خليل الطفيلي من «المسّ بالأساتذة وإيذائهم من خلال توجيه العقوبات لهم، فالردّ سيكون بالتصعيد إلى أقصى الحدود». أما الأساتذة المتضامنون مع زملائهم فيذهبون أبعد في التحدّي، ويعبّرون صراحةً «لتحسم الوزارة هذه الليرات القليلة، المعركة أصبحت على كرامتنا»، ويؤكّدون «استعدادهم لمرافقة أيّ أستاذ يستدعى إلى وزارة التربية بحجة التحريض على الإضراب».

الفروع تصعّد
خلال السّاعات الماضية، وتحت ضغط الأساتذة في الثانويات، تجتمع الفروع في المناطق، وتصدر بيانات تطالب فيها الهيئة الإدارية بتنفيذ ما وعدت به مطلع العام الدراسي الحالي، فـ«إما التقديمات كاملة (مضاعفة الرواتب، الحوافز 130$، والمتأخرات)، أو التصعيد». وتأتي هذه التحرّكات بعد اجتماع رئيسة الرابطة الأسبوع الماضي مع الفروع، وتحذيرها من مغبة الانفراد ومخالفة الأنظمة والقوانين الداخلية، على أمل أن لا يعمّم تحرّك فرع بعلبك - الهرمل، إلا أنّ الاجتماعات تجري في معظم الفروع، حتى تلك المحسوبة على الهيئة الإدارية كالنبطية والجنوب وبيروت.
أمّا فرع عكار، فذهب أبعد من البيانات التحذيرية والمطلبية، وفنّد بالتفصيل ما وعدت به الهيئة الإدارية ولم ينفّذ من «مضاعفة رواتب، وحوافز، وبدلات نقل»، وطلب صراحةً من أساتذة المنطقة التصويت على «التوقف عن العمل ابتداءً من يوم الاثنين المقبل»، ومن الهيئة الإدارية «الدعوة إلى جمعيات عمومية والتصويت على توصية واضحة بالإضراب المفتوح حتى تحقيق الوعود»، كما لم ينسَ الفرع تذكير الهيئة الإدارية بواقعة «إلغاء نتائج التصويت على تفويضها بالتحرّك مطلع العام الحالي، والذي كانت نتيجته لا تفويض». وفي عاليه، لم ينتظر الأساتذة حتى فرع المنطقة للاجتماع، فتداعوا وأعلنوا التوقف الكامل عن العمل، وتوقفت بالتالي ثانويات المنطقة العشر عن التعليم إلى حين تنفيذ الوعود المقطوعة.
حتى الضاحية الجنوبية، دخلت على خط التحرّكات هذه المرّة. ويحذو أساتذتها حذو زملائهم في المناطق، إذ لم ينتظروا الهيئة الإدارية أو فرع جبل لبنان، بل يتداعى الأساتذة بشكل فردي في الثانويات للإعلان عن «التوقف عن الحضور». وفي ثانويات العاصمة، تحرّكات خجولة ولكن فعالة لناحية التأثير والتحدّي لقربها من المركز، أي وزارة التربية، ووجود بعض أعضاء الهيئة الإدارية فيها كمديري ثانويات وموظفين في الوزارة. افتتحت التحرّكات الاعتراضية فيها ثانوية زاهية سلمان، حيث قرّر الأساتذة التعليم ليومين أسبوعياً وسط معارضة مديرها العضو في الهيئة الإدارية، والتحق بها عدد آخر من الثانويات.

صناديق الثانويات لن تدفع
تبحث وزارة التربية عن أيّ طريقة لتهدئة الأساتذة، بعدما اتضح عدم وجود حوافز اجتماعية (130$) وعد بها الوزير، فيشيع بعض موظفي الوزارة عن قرب دفع هذه المبالغ من صناديق الثانويات. وبعد مراجعة «الأخبار» لعدد من مديري الثانويات، تبيّن «أنّ هذه الصناديق لا يمكنها أن تتحمّل دفع هذه المبالغ شهرياً»، بالإضافة إلى «عدم وصول أموال الدعم من الجهات المانحة إليها، مع وعد بتغذيتها الشهر المقبل». ويذكر مدير ثانوية في منطقة جبل لبنان «أنّ هكذا مقترح سيكلّف صندوق ثانويته 7020$ شهرياً، ما يقارب 56 ألف دولار سنوياً، فيما الصندوق لا يحوي أكثر من 150 مليون ليرة (حوالي 3500$ على سعر اليوم)».