يُمضي المعلِّم في المدرسة الخاصة 30 عاماً وما فوق، أو يصل إلى سن الرابعة والستين، أي السنّ التي يحق له فيها أن يرتاح، وهو مطمئن إلى أنّه سدَّد على مدى سنوات خدمته ما يجب عليه من مبالغ شهرية مخصَّصة لتغطية كلفة تعويضه أو راتبه التقاعدي كي يؤمّن على ما تبقّى من حياته.هذا في المبدأ، أما على أرض الواقع، فالأمور تسير بمنطق مختلف. نحو 4 آلاف أستاذ متقاعد من التعليم الخاص محرومون اليوم من «العيش الكريم». يصارعون الحياة براتب تقاعدي هزيل ويتيم يراوح بين مليون ونصف مليون ليرة و4 ملايين قد يقرر المصرف أن يحجزه بحجج واهية: عدم القدرة على الدفع «كاش» لعدم تحويل السيولة النقدية من مصرف لبنان، أو إلزام المتقاعد بتقاضي نصف المستحقات على شكل بطاقة مشتريات من «السوبرماركت». في ما عدا ذلك، لا مساعدات اجتماعية، ولا حوافز ولا من يسألون، كما قال أحد المتقاعدين الذي يحمّل نقابة المعلمين وممثليها في صندوق التعويضات والتقاعد مسؤولية ما آلت إليها أوضاعنا. يقول إن الأساتذة باتوا مقتنعين بأن هناك شبكة مصالح تجمع الممثلين النقابيين بإدارات المدارس، ولا سيما أننا «فقدنا التواصل مع النقابة منذ تعثر الانتخابات النقابية في العام الفائت، ولم يعد هناك من يصغي إلى وجعنا، فيما يعقد الصندوق اجتماعات متقطّعة، ولا يأخذ مجلس الإدارة أي قرارات في هذا الشأن من مثل فرض زيادات على رواتب المتقاعدين أو إعطائهم حوافز وما شابه، ما يجنبهم الذل الذي يتعرضون له في المصارف والصيدليات والمتاجر.
اللافت ما قاله الأستاذ لجهة أن الست الدرجات التي وافق الصندوق على إعطائها للأساتذة المتقاعدين لم تُصرف بعد لأكثر من 90% من المتقاعدين على قاعدة «تعا ولا تجي»، بحجة أن إدارات المدارس لا تسدد ما عليها من واجبات للصندوق عن الأساتذة، إذ يُقتطع 6% من راتب الأساتذة الشهري وتدفع المدرسة 6%)، وأن المتأخرات تصل إلى عشرات مليارات الليرات. المفارقة أن يُطلب من الأستاذ أن يتابع مدرسته السابقة، فيما علاقة الأستاذ هي مع الصندوق وليس مع المدرسة، وهو ليس مسؤولاً عن متأخّراتها.

تقصير نقابي
ممثل نقابة المعلمين في صندوق التعويضات، أنطوان مدور، قال لـ «الأخبار» إن نقابة المعلمين مقصّرة في رفع الصوت للدفاع عن المتقاعدين أو ما سمّاهم «الشهداء الأحياء» الذين يلفظون آخر أنفاسهم في ظل الظروف الصعبة. ومع ذلك، لفت إلى أن «لا نفقة دائمة من دون إيراد دائم»، وبالتالي لا قدرة للصندوق على أن يضاعف الراتب التقاعدي، فمن شأن ذلك أن يُحدث خللاً في مالية الصندوق. ودعا النقابة إلى عدم السكوت عن هذه الكارثة الاجتماعية، وتنفيذ اعتصامات أمام مصرف لبنان والمصارف التي لا تدفع رواتب المتقاعدين.
فقد الأساتذة التواصل مع النقابة منذ تعثّر الانتخابات النقابية


قضية المتقاعدين ستكون مُدرجة على جدول أعمال المؤتمر الصحافي المقرّر عقده في النقابة اليوم إلى جانب التأكيد على إعطاء الحوافز بالدولار الأميركي لمن هم في الخدمة الفعلية، بحسب ما قال لنا نقيب المعلمين، رودولف عبود. الأخير أشار إلى أن النقابة حملت القضية في كل اجتماعاتها مع المسؤولين، ولا سيما مع وزيري المال والتربية وجمعية المصارف وصندوق التعويضات. برأيه، المشكلة تكمن في تعثر اجتماعات مجلس إدارة صندوق التعويضات لأخذ قرار بزيادة الرواتب، وعدم تطبيق مبدأ وحدة التشريع بين التعليمين الرسمي والخاص، فما حصل عليه الأساتذة في الرسمي لم يُطبق على زملائهم في الخاص، الموجودين في الخدمة والمتقاعدين على السواء، وخصوصاً الحوافز التي قدّمتها الجهات المانحة.
وفيما ذكر عبود أن بعض المصارف ولا سيما SGBL وFransabank تحجز الرواتب وتماطل في دفعها، استغرب ربط صندوق التعويضات دفع الـ 6 درجات بتسديد المدارس لمتأخّراتها للصندوق.



إضراب أساتذة «الرسمي» حرمهم المساعدة الاجتماعية
...ووقعت المشكلة، ونفّذت وزارة التربية ما قالته لروابط الأساتذة والمعلمين على لسان موظفيها في اجتماع الأول من حزيران الفائت. وبعد تأخير وصل إلى حدود الأسبوع قبض الأساتذة رواتبهم. ولكنّ المساعدة الاجتماعية (نصف راتب عن كلّ شهر) قبضوها عن شهر آذار دون نيسان، وذلك بسبب الإضراب ليومين. هذا ما توعّدت به يومها رئيسة قسم المحاسبة، لارا عبدالله، ونفته رابطة أساتذة التعليم الثانوي أولاً. لاحقاً عادت الرابطة وأوضحت أنّ "الوزير لم يقبل ووعد وأخذ الأمر بصدره". ولكن بين الأمس واليوم تبيّن العكس.
عضو الهيئة الإدارية، عصمت ضو، أكد، في تسجيل صوتي، أن "الحسم تمّ بسبب الإضراب". ولكنّه وعد بأنّ الوزير يسعى إلى حلحلة الأمر في الفترة الآتية بعد عيد الأضحى.
ما جرى يطرح أسئلة كبيرة حول مصير المساعدة الاجتماعية (نصف الراتب) خلال أشهر الصيف. منذ بداية شهر تموز كلّ المدارس والثانويات أقفلت أبوابها وبدأت عطلتها الصيفية. هل يعني انتهاء العام الدراسي نهاية صرف المساعدة الاجتماعية؟
(الأخبار)