الضغوط تحاصر وزير التربية طارق المجذوب لعدم إجراء الامتحانات الرسمية في ظل تعذر الحصول على الاحتياجات الأساسية من غذاء ووقود وكهرباء ومياه وانحدار في القدرة الشرائية للرواتب وضرب الاستشفاء والاعتداء على التقديمات الاجتماعية. نحو 100 ألف طالب في الشهادة المتوسطة والثانوية العامة سيتوجهون إلى مراكز الامتحانات وسط غياب التوازن الفكري والصحي والأمن الاجتماعي والغذائي لديهم ولدى عائلاتهم.وفيما ينتظر أن تصدر المفتشية العامة التربوية موقفاً رسمياً من إجراء الامتحانات، طغت أمس على المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي «فبركات» نسبت الى الوزير تصريحاً بإلغاء الشهادة المتوسطة (البريفيه) التي يمتحن فيها نحو 60 ألف طالب، ما استدعى نفياً من المكتب الإعلامي في وزارة التربية، داعياً المرشحين للشهادة المتوسطة والثانوية العامة إلى متابعة الدرس والاستعداد للامتحانات.
العصيان المدني والتربوي كان أحد الأشكال التي استخدمت في الضغوط، وكان لافتاً أمس أن تتبنى «هيئة التنسيق النقابية»، بمكوناتها الحزبية المختلفة (تيار المستقبل، حركة أمل، حزب الله، التيار الوطني الحر، الحزب الاشتراكي، تيار المردة) توصية من نحو 300 مدير ثانوية ومدرسة رسمية ينضوون في الأحزاب نفسها بالإضراب المفتوح والعصيان المدني في الصيف، من دون العودة إلى الجمعيات العمومية وقواعد الروابط من المعلمين في القطاعين الرسمي والخاص. ومع أن العام الدراسي ينتهي رسمياً في 30 حزيران، فقد دعت الهيئة إلى التوقّف عن العمل وعدم الحضور إلى المدارس والثانويات والمهنيّات الرسميّة ابتداءً من الأوّل من تمّوز، والخاصّة ابتداءً من 5 تموز، ودور المعلمين ومراكز الارشاد.
الهيئة لم تذكر صراحة في بيانها أنها ستقاطع أعمال الامتحانات الرسمية، لكن بيان المديرين (بعضهم أعضاء في الهيئات الإدارية للروابط ومجالس الفروع) ربط الخطوة بدعم هيئة التنسيق، إذ أن 74 مديراً سجلوا أسماءهم وأعربوا عن رغبتهم، بحسب مدير ثانوية كفرا الرسمية ومنسق حملة العصيان فؤاد إبراهيم، في عدم استلام تكاليف رؤساء المراكز والمراقبين العامين. وأشار إلى أن «التصويت على عدم الذهاب إلى مراكز الامتحانات الرسمية استمر لبضع ساعات فقط وأوقفناه كي لا يقال لنا إننا نريد أن نسقط الاستحقاق». وعن توقيت خطوة العصيان وعدم الحضور إلى المدارس والثانويات والتي تشبه الصراخ في الفراغ، قال إبراهيم إن الوزارة حددت الفترة الممتدة بين الأول من تموز والثامن تموز لتسجيل الطلاب الجدد، والموقف هو مقاطعة كلّ الأعمال التحضيريّة للعام الدراسي المقبل 2021/ 2022.
وعما إذا كانت الخطوة تندرج في اطار الضغط السياسي لتشكيل الحكومة وإيجاد مخرج لوزير التربية لإلغاء الامتحانات، نفى إبراهيم «أن يكون هدفنا تسهيل مهمة أحد لا وزير التربية ولا غيره، بل إن تحركنا نابع من وجع الناس والمعاينة الميدانية لظروف المعركة».
على خط مواز، برزت حركة عصيان تربوي فردية، جريئة وإن متأخرة، «رفضاً للاذلال اليومي والارتهان لعصابة زعماء الطوائف والمتاجرة لروابط ونقابات الأساتذة»، قام بها أربعة أساتذة هم مدير ثانوية علي النهري الرسمية، علي مهدي، والناظر في الثانوية وليم العويطة، الأستاذان في ثانوية شمسطار مهند سليمان وباسم أسعد قعفراني، إذ أعلنوا التوقف عن الذهاب إلى وظيفتهم. الخطوة تندرج، بحسب سليمان، في اطار الدفاع عن النفس وبدء المواجهة من مكان بعدما أخلّت الدولة ممثلة بوزارة التربية، الطرف الثاني في العقد، بواجباتها تجاهه كمواطن يقوم بواجباته ولا يحصل على أدنى حقوقه.
تبنت هيئة التنسيق «عصيان» المديرين من دون العودة إلى الأساتذة


يفصل عضو لقاء النقابيين الثانويين حسن مظلوم بين التحرك الفردي للأساتذة التي كان سيرحب به «لو أنه أتى مبكراً وقام على برنامج وأهداف بدلاً من تحويله إلى خطوة إعلامية ليس إلا.» أما بالنسبة إلى تحرك من سماهم «مديري أحزاب السلطة» المدعومين من هيئة التنسيق ومكاتبها الحزبية، فوصفه بـ«المشبوه إذ يخدم أجندة سياسية بلحظة سياسية حرجة، ويحاول إيجاد مخرج لإلغاء الامتحانات التي هي بحكم الملغاة فيهم وبلاهم نظراً للظروف الموضوعية المتعلقة بعدم القدرة على تنظيمها». ودعا مظلوم المديرين إلى أن يعودوا إلى ضميرهم المهني والنقابي ويتجردوا من أنانيتهم الحزبية وتسلط الأحزاب عليهم واستعمالهم كعصا غليظة للسلطة ضد الناس.
للقيادي في التيار النقابي المستقل جورج سعادة رأي آخر في ما يخص خلفية خطوة هيئة التنسيق، وهي «رفع العتب وامتصاص غضب القواعد على خسارة كل شيء، لتصبح هده الهيئة هيئة التنفيس النقابية». بحسب سعادة، «يضرب هذا التحرك، في الشكل، كل الأصول النقابية والديموقراطية لجهة العودة إلى المندوبين ومجلس المندوبين المركزي والجمعيات العمومية لاتخاذ قرار بهذا الحجم، أي تمرد تربوي ومدني من أشخاص ليس لديهم صفة تمثيلية، ولن يشارك فيه سوى 5 في المئة من أساتذة لبنان. أما في المضمون فالعصيان أتى بلا برنامج ولا خطة ولا أهداف، فمنذ خريف 2014 وحتى اليوم لم تتخذ هيئة التنسيق النقابية موقفاً من مقاطعة التصحيح». واستغرب «الانحدار إلى الدرك النقابي المتمثل بانتظار نقابة المعلمين 5 تموز لبدء عصيانها وهو الموعد الذي يحدد فيه مصير العقود مع المعلمين، ما يعني الخوف من مواجهة السلطة، واستطرادا إذا صدر قانون لتمديد المهل فهل سينتظر بدء تنفيذ العصيان حتى نهاية التمديد؟».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا