قد تكون من المبادرات القليلة التي ينتقل فيها المتحف إلى الصف. لم يحتج تلامذة سبع مدارس رسمية للذهاب بعيداً من أسوار المدرسة كي يتفاعلوا مع «فنانين» من خارج الكادر التعليمي. الفنانون أتوا إليهم وأقاموا بينهم ثمانية أسابيع، بحثاً عن مساحات، وإن متواضعة، للإبداع والحوار حول الهواجس الاجتماعية. التلامذة «المتحمّسون» اختبروا، بأدوات جديدة وغريبة أحياناً، العمل الجماعي في مجتمعهم المحلي قبل أن يحتضن «بيت بيروت» معرضاً لتخيلاتهم المشتركة.«بيروت متحف الفن»، وهو متحف قيد الإنشاء، نظم إقامة الفنانين في المدارس مع التلامذة وجمع أعمالهم التي تنوعت بين فنون حية وعروض أدائية وفنون مرئية ورسم وطباعة بالشاشة الحريرية.
تلامذة مدرسة كمال جنبلاط الرسمية في الشوف ومدرسة زحلة الرسمية المختلطة ابتدعوا مع «مجموعة كهرباء»، شركة فنون تمثلية، شخصيات دمى متحركة وابتكروا تاريخاً خاصاً بها. من خلال التمارين المسرحية وتطوير الخيال، وضعت الورش بين أيدي الطلاب المشاركين تجربة بعثت الروح في أعمالهم المسرحية. وبعد مشاركة القصص وكتابة السيناريوهات، نفذ عدد منها في اطار حرفي بهدف صناعة أفلام قصيرة بالدمى.
«أبعد من الكلمات: تحارير بالنسيج»، هو عنوان المشروع الذي أشرفت عليه الفنانة الفرنسية الإيرانية ثريا غيزلباش وانخرط فيه تلامذة صور الرسمية للبنات ومدرسة حارة صيدا الرسمية. استاذة الرسم في المدرسة، دينا قشاقش، تشدد على أهمية اكتشاف الطلاب لأدوات فنية جديدة غريبة لم يألفوها من قبل وغير قادرين على شرائها أصلاً مثل الطباعة بالشاشة الحريرية كأداة لسرد حكايات المدينة. تتيح التقنية، بحسب غيزلباش، للتلامذة تطوير أداة اتصال بديلة للتعبير والابتكار.
المعرض جسّد أيضاً فكرة «الفضاء المجاور» بإشراف «استوديو كواكب»، ستوديو للفنون البصرية والرسوم المتحركة وتصميم الغرافيك، عبر سلسلة ورش نظمت في مدرسة شكيب ارسلان في فردان ومتوسطة جبيل الأولى. بحسب دايفيد حبشي، أحد مؤسسي الاستوديو، الهدف من العمل هو تعريف التلامذة بالحيز العام من خلال تقديم نظرة نقدية للتعديات على الأملاك البحرية وتشجيع التلامذة على استكشاف طرق عمل، مواد وأدوات مختلفة وصياغة أسئلة بأشكال بصرية، واقتراح بدائل للأنشطة المضرّة بالتراث البحري.
الفنانة شانتال فهمي، مصوّرة وطالبة في النقد الفني في جامعة القديس يوسف، عاشت هي الأخرى بين تلامذة مدرسة راشيل إدة الرسمية ــــ سبعل في زغرتا، وأتاحت لهم من خلال «حديقتي» فرصة استكشاف الطبيعة كعنصر أساسي وحيوي في التصوير الفوتوغرافي من خلال إظهار أهمية الضوء الطبيعي (الشمس) في التقاط الصورة. تتحدث فهمي عن التجربة الممتعة وردة فعل التلامذة الذين وصفوا التقنية بالسحر. يؤمن «متحف بيروت الفن»، بحسب ساندرا أبي ناضر، بلامركزية الفن الذي هو منصة حوار ووسيلة لإيجاد سبل للتآزر في الحيز العام والمجتمعات المحلية.