إنْ غابت فيروز عن جمهورها سنوات، تُحدِث إطلالتها مفاجأة. إن فصلت أشهر فقط بين إطلالتيْن، يُفاجأ عشاقها أيضاً. في الحالة الأولى، يبرِّرون المفاجأة بالحديث عن فقدان الأمل باللقاء مع مرور الوقت. وفي الثانية، تأتي المفاجأة لأنّ الغياب المتوقّع لم يطُلْ. في الواقع، في حالات العشق المجنونة، يرتقي لقاء العاشق بمعشوقه إلى مستوى الأعجوبة. والأعجوبة بالمعنى السوريالي تقوم على المفاجأة.
الشوق في العشق ليس حالة طارئة، وبالتالي فحضوره غير لافت. هو كالهواء من حولنا، لا ندرك وجوده؛ لأنّه لن يغيب أبداً. عشاق فيروز مشتاقون إليها دائماً، وعندما يحدث اللقاء تولد المفاجأة. حتى أثناء الحفلة، عندما تتوارى لثوان، نلاقيها بصبر أنهكه الانتظار.
فيروز التي قدّمت حفلتين في أكتوبر من العام الماضي، تعود اليوم إلى جمهورها في زمان غير متوقّع، كما في الأمس... غير أنّ المكان هذه المرّة غير متوقّع أيضاً. أربع حفلات في مجمّع عصري («بلاتيا») مستحدث في ساحل علما. الأسئلة التي حامت حول الحفلة، في ظلّ التعتيم المحاط بتفاصيل الموعد، هي هي كالعادة. ماذا ستغني؟ هل سيشارك زياد؟ هل من جديد؟ تكتّم المعنيين الشديد بشأن البرنامج و«فشل» جهودنا في الحصول على أيّ جديد، دفعانا هنا إلى تقديم إجابات تقريبية، استناداً إلى تحليل بعض المعطيات.
في ما يتعلّق بالبرنامج، قدّمت فيروز برنامجاً شيقاً في حفلتيها الأخيرتين في لبنان، جمع بين ريبرتوارها القديم (الأخوان رحباني)، والأغاني التي تحمل توقيع زياد الرحباني، ومن بينها ما كان يقدّم للمرة الأولى (أغنية «إيه في أمل»). البرنامج ذاته ذهبت به فيروز إلى أمستردام في يونيو 2011. عموماً، يحقّ لأي فنان أن يقوم بجولة سنوية بالبرنامج ذاته إذا أتت ترويجاً لألبومٍ جديد. نحن أمام هذه الحال. لكن، استناداً إلى حفلات «بيت الدين» (2000 ـــ 2003)، يرجّح أن يكون البرنامج جديداً في جزءٍ منه. إضافة إلى أعمالٍ من ألبوم «إيه في أمل»، هناك مجموعة من أغنيات ريبرتوار الأخوين رحباني، جزءٌ منها مشترك مع برنامج السنة الماضية. أما زياد، فلا شيء يمنع مشاركته، غير أن الأمر مستبعدٌ. كذلك بالنسبة إلى وجود جديد على البرنامج. علماً أنّ فيروز نادراً ما قدّمت حفلة لا تتضمّن جديداً. كما يقال إن زياد الرحباني وضع مجموعة ألحان خلال السنة الحالية، بهدف تسجيل ألبومٍ جديدٍ كاملٍ لفيروز. هذا يوحي باحتمال إدراج عملٍ جديدٍ على الأقل في الحفلة. غير أنّ استبعاد مشاركة زياد يضعف هذا الاحتمال، إلا في حالة وحيدة، أن يكون الجديدُ شرقياً ثقيلاً، أي لحناً لا يتطلّب بالضرورة إشراف زياد على تنفيذه (أقله في المرّة الأولى أمام الجمهور). بالنسبة إلى الفرقة الموسيقية، نكاد نجزم بأنها ستكون شبيهة بالأوركسترا التي رافقت فيروز في «بيال»، أي التشكيلة الناقصة نسبة إلى الأوركسترا المذهلة في «بيت الدين». أما إذا قيّد لنا أن نكتب عمّا نتمنّاه، ويتمنّاه كثيرون، فهو وجود أوركسترا كاملة الأوصاف في كل عائلات الآلات الشرقية والغربية (الكلاسيكية والحديثة). زياد على البيانو (أي ناحت روح الحدثِ موسيقياً). برنامجٌ خاص مختلف عن كل ما سبق، في أجزائه الثلاثة: القديم والحديث والجديد. في هذه الحالة، إن تحققت هذه الأماني، تضيق معاني عبارات «مفاجأة»، «أعجوبة» و«حلم» بالحدث. اعتبار هذه التوليفة فائقة للوصف، لا يعني أنها مستحيلة في المستقبل. مع تبدّل الظروف، تتبدّل المعطيات والنتائج. مثلاً، ثمة توجهات لوضع الأوركسترا الوطنية في خدمة المؤلفين اللبنانيين بعد رحيل وليد غلمية. صرّح بذلك المايسترو هاروت فازليان، وهو القائد المرافق لفيروز في الفترة الأخيرة («بيال» وأمستردام). أضف إلى ذلك الجهوزية الكاملة للأوركسترا السورية لتعاون من هذا النوع.
في 2008، كانت لزياد تجربة مذهلة مع الموسيقيين السوريين، وكان ضرورياً ألا تشارك فيها فيروز كي يختبر فيها الرحباني الجمهور السوري بعيداً عن «عشق فيروز». بالتالي، فاللقاء التاريخي الذي يمكن أن يجمع زياد وفيروز والأوركسترا السورية في سوريا، بات من مسلمات المنطق، بانتظار ضفة أمانٍ ترسو عليها الأوضاع في الشام.

9:00 مساء اليوم وغداً و16و17الحالي ـــــ «مجمّع بلاتيا» (ساحل علما ـــــ شمالي بيروت). للاستعلام: 01/999666



«فيروز والرحابنة»

في إطار «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب»، يوقّع فواز طرابلسي طبعة جديدة من كتابه «فيروز والرحابنة: مسرح الغريب والكنز والأعجوبة» (الريّس). في كتابه الصادر عام 2004، قدّم طرابلسي قراءة معمّقة للمسرحيات الرحبانيّة، وفكك طريقة تصويرها للصراعات السياسية والاجتماعية في لبنان...








http://www.youtube.com/watch?v=T1if7bgtdMc