للأسف، يمكن القول إنّ التجربة التمثيلية الأولى التي خاضها المغني رامي عياش في فيلم «باباراتزي» (تأليف أحمد عبد الفتاح، وإخراج سعد هنداوي)، متعثّرة ولا يمكن البناء عليها ليتحوّل عياش من مغنّ إلى ممثل شباك تذاكر (الأخبار 18/11/2015). وعلى الرغم من أن إطلالة رامي كانت محبّبة وخفيفة، إلا أنّه أخطأ في اختيار سيناريو مدروس يقدّمه للناس ممثلاً يخطو خطواته الأولى نحو الشاشة الكبيرة.
أحداث الفيلم تدور حول حياة مغنّ يدعى خالد شريف (رامي عياش) يعيش قصة حبّ مع ملك (الممثلة المصرية إيمان عاصي) ويحاول شريك والدها (عزت أبو عوف) أن يفرّق الثنائي كي يرتبط بالفتاة. تلك الرواية قد تكون مغايرة عن قصص العشق المُتعارف عليها، لكنها عولجت بطريقة سطحية، فبدا عياش «دونجوان» زمانه وسط المعجبات، ولكن قلبه متعلّق بملك. لا جدّية في أداء رامي، بل بدا تائهاً بين اللهجتين المصرية واللبنانية، كأنّه حفظ الدور غيباً من دون أيّ إضافات عليه. يحمل فيلم «باباراتزي» أبعاداً سياسية مصرية، ويلقي الضوء على بعض الجماعات المتشدّدة دينياً (من دون ذكر اسمها) التي تنادي بإلغاء الحفلات ومنع الغناء في القاهرة. وفي النهاية، يفوز الفنّ على تلك العصابات «المتطرّفة».
أداء ببغائي والإضاءة معتمة والكادرات سيئة
ولا ننسى طبعاً أن المخرج سعد هنداوي مرّر رسائل سياسية مبطّنة، من خلال تلميع صورة الجيش المصري الذي يبحث عن الحقيقة ويدعم المظلومين ويحاسب الظالمين. يدعو العمل السينمائي إلى محاربة الإرهاب في المحروسة، ومقاطعة المرشحين للانتخابات هناك، وتحديداً الذين يعيشون الفساد في حياتهم، وفي الوقت نفسه يُطالبون بتطبيق الأسس الدينية. تلك الرسائل كانت واضحة لا تحتاج إلى الكثير من التفكير، وكلّها وُضعت لكي يثير الفيلم ضجّة في مصر وتتحدّث عنه الصحافة. في سياق آخر، يظهر الممثل المصري عزت أبو عوف بدور والد ملك. بدت على النجم علامات التعب والمرض على وجهه وحركات جسمه، وهو أعلن أخيراً عن إصابته بمشاكل في القلب. يسجّل للنجم المصري حضوره في تأدية دور الأب المخلص الذي يقتل في النهاية شريكه من أجل سعادة ابنته، وهو من أكثر الأدوار التي لعبها في مسيرته الفنية الطويلة. وبالعودة إلى عياش، يسجّل للفيلم أنه يتضمّن أغنيات جميلة بصوته منها «قلبي وجعني» (كلمات نزار فرنسيس وإعداد وتوزيع جان ماري رياشي) التي تحمل معاني الحبّ والوجع معاً. كان حضور صاحب أغنية «بغنّيلا وبدقلّا» خفيفاً على الشاشة، ويدلّ على أنه لو اختار سيناريو أدقّ، لكان فاز بخطوته التمثيلية الأولى. وتتجسد المشكلة الكبرى في المشروع السينمائي أنّه تضمّن مشاكل تقنية لا علاقة لعياش بها، فالإضاءة كانت معتمة، وكذلك الكادرات السيئة التي ركّزت عليها الكاميرا وكشفت عيوب وجوه الممثلين. من جهة أخرى، يبدو أن التعليقات السلبية التي نالها «باباراتزي» لن تقف عائقاً في وجه المغني اللبناني، لأنه يصوّر حالياً مشاهده في مسلسل «أمير الليل» (كتابة منى طايع وإخراج فادي حداد) إلى جانب داليدا خليل. وبذلك ينتقل عياش إلى الشاشة الصغيرة في بطولة مسلسل لم يُعرف موعد عرضه. باختصار، بدا عياش «رامبو» وعاشقاً يبحث عن حبيبته لتكون في النهاية له. فهل ينجح في الجمع بين الغناء والتمثيل، على غرار محمد فؤاد وعمرو دياب وغيرهما؟ وهل يحاول المغني أن يصحّح خطوته الناقصة في مشروعه التلفزيوني المقبل؟

«باباراتزي» غداً الخميس في الصالات اللبنانية