ها هو سينمائي آخر ينضم إلى قائمة مستخدمي تقنية الأبعاد الثلاثة. إنّه سينمائي نيويورك المخضرم، مارتن سكورسيزي، في آخر أعماله Hugo، يحاول اقتراح توظيف جديد لتقنية صارت تحظى بشعبيّة كبيرة. هل يتمكّن صاحب «سائق التاكسي» من استخدام التقنية بنحو مغاير للآخرين؟ الرهان هنا بالتأكيد على أسلوب سكورسيزي الإخراجي، وعلى التفاصيل التي يعرف تماماً كيف يعتني بها. لا يخلو الأمر من توظيف ثنائي للترفيه المضاعف، مرفقاً بسيناريو يُفترض أن يكون مقتبساً بعناية عن رواية الأميركي برايان سيلزنيك «اختراع هوغو كابريه».
صدر الكتاب عام 2007، وحظي بضجّة واسعة، ونال جوائز عديدة، وهو عبارة عن مزيج بين رواية وكتاب مصوّر. تدور الأحداث مطلع القرن العشرين، وبطلها هوغو (آسا بترفيلد)، وهو يتيم في الثانية عشرة، يعيش بين جدران محطة قطار باريسية. ورث هوغو مهنة تصليح الساعات عن أبيه (جود لو) الذي توفي قبل فترة قصيرة. يعيش الطفل على ما يستطيع سرقته من طعام، كما أنّه مهووس بآلة ذاتية التشغيل ــــ على شكل رجل يجلس على مكتب ويحمل قلماً مستعداً للكتابة ـــ اكتشفها والده أثناء عمله في المتحف. يحاول هوغو إعادة الحياة للآلة بمساعدة دفتر ملاحظات تركه له والده، وبضعة لعب يسرقها من بائع المحطة جورج (بن كينغسلي). تتطور الحكاية بعد أن يلقي جورج القبض على الطفل، وسط حبكة مثيرة مليئة بالألغاز.
اشترى سكورسيزي حقوق نقل الكتاب إلى الشاشة في العام نفسه الذي صدر فيه. واستغرق تصوير العمل في لندن سنة تقريباً. المثير في العمل أيضاً، اعتماده على سيرة أحد آباء الفن السابع، السينمائي جورج ميلييس (1861 ـــ 1938)، مصدر إلهام رئيسياً. عمل ميلييس فترة من حياته في متجر لعب، وفي محطة قطار باريسية، بعدما أفلست شركته، وأذاب الجيش الفرنسي معظم أشرطته. يوظف سكورسيزي هذا الأمر في شريطه كتيمة أساسية، للتعبير عن حب السينما أيضاً. وهذا ما أشاد به النقاد، مشيرين إلى أنّ السينمائي الأميركي، بحماسته للتقنية التي درسها جيداً قبل قراره استخدامها، نجح في تقديم اقتباس مميز للكتاب ضمن إخراج فيلم مشوّق وترفيهي، يصلح لمختلف الأعمار من دون الوقوع في فخ التسطيح.
مع اجتماع هذه العناصر المتعددة، من إخراج جيد، وسيناريو قادر على حمل الفيلم، وإبقائه على بعد مسافة مقبولة من خط السطحية، سيكون باستطاعة الجمهور الاستمتاع بشريط يحتفي بفن الحكاية والسينما معاً... وسيكون بمقدوره أيضاً اكتشاف سكورسيزي جديد، يبتعد قليلاً عن عوالمه المعتادة.

Hugo: ابتداءً من الخميس 8 الجاري. «غراند كونكورد» (01/343143)؛ «سينما سيتي»؛ «أمبير سوديكو» (1269)