دمشق | منذ أن تألقت الدراما السورية وسطع نجم صنّاعها، انتزع هؤلاء مكانةً لعرض مسلسلاتهم على المحطات العربية الأكثر مشاهدة، وخصوصاً الخليجية. عندها، تنبّه بعض المنتجين المصريين إلى نجومية ممثلي هذه الدراما وإمكانات بعض مخرجيها، فاستعانوا بتلك الخبرات التي أسهمت في إعادة التوهّج إلى الدراما المصرية. بدأ ذلك حين أدّى جمال سليمان بطولة «حدائق الشيطان» (2006)، ثم اصطحب حاتم علي فريقه الفني ومعه تيم حسن الذي قدم أعمالاً غيّرت إلى حد ما طريقة تنفيذ المصريين للدراما التلفزيونية. إلى جانب ذلك، استقطبت الدراما الخليجية المخرجين والممثلين السوريين، لكن الرقابة الحديدية أغلقت الباب أمام تحقيق هذه الدراما تقدماً ملموساً وحضوراً واسعاً لدى المشاهد العربي.
اليوم، وبعد مرور ثلاثة أشهر على نهاية الموسم الدرامي وعدم دخول أي شركة إنتاج سورية في تصوير أعمال جديدة (باستثناء مسلسل «بنات العيلة» لرانيا بيطار ورشا شربتجي) بسبب الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، أخذت بعض الأخبار تشير إلى أنّ كوادر الدراما السورية ستبحث عن فرص لها في البلاد العربية، وسيكون لبنان البلد الثاني بعد مصر الذي سيحتضن تلك الكوادر لاعتبارات عدة منها: تقارب البلدين، واطلاع السوريين على عادات الشارع اللبناني وتقاليده، وجرأة الدراما اللبنانية التي لم توظَّف سابقاً في إطارها الصحيح، وأخيراً استقلالية هذه الدراما عن المنتج الخليجي إلى حد ما، على اعتبار أنّ المحطات اللبنانية قادرة على استيعاب ما تنتجه بلادها من مسلسلات تلفزيونية. هكذا، بدأت شركة «سامة» السورية قبل التظاهرات الشعبية تصوير المسلسل الطويل «روبي» الذي كتبت نصه اللبنانية كلوديا مارشيليان. وقد أمضت هذه الأخيرة عاماً ونصف العام في نسج أحداث العمل التي تحكي قصة فتاة لبنانية تمر بحالات متعددة من الحب، وتتعرض لمواقف إنسانية حساسة. وقد جاء تنفيذ العمل بناء على اقتراح محطة mbc التي تعمل شركة «سامة» منتجة منفذة لصالحها. بعدما أنجزت المحطة مسلسل «مطلوب رجال»، فكرت في تنفيذ أعمال عربية طويلة تقارب المسلسلات التركية، وتحكي عن قصص شبيهة لكن مستوحاة من المجتمعات العربية. وقد بدأ التنفيذ بـ روبي» الذي يلعب بطولته السوري مكسيم خليل إلى جانب اللبنانية سيرين عبد النور والمصري أمير كرارة بينما يتولّى إخراجه الممثل والمخرج السوري الشاب رامي حنا. كذلك، وصل المخرج السوري سيف الدين السبيعي إلى بيروت لاختيار فريق من الشباب لبطولة مسلسله اللبناني الجديد «ولاد كبار» (الأخبار 1/12/2011). وعن إمكان استفادة الدراما اللبنانية من الخبرات السورية التي قد تهجر صناعة بلادها للبحث عن فرص عمل في لبنان بسبب الأزمة السياسية في سوريا، يقول السبيعي لـ«الأخبار»: «لا أحد يفكر في الهجرة النهائية. نفكّر في مشاريع هامة في الدراما السورية، وسأبدأ تصوير مسلسل سوري في آذار (مارس) المقبل». وعن إمكان استفادة الدراما اللبنانية من الخبرات السورية، يضيف: «قد تستفيد هذه الدراما من السوريين كما فعلت نظيرتاها المصرية والخليجية. عندما تريد الجهات المنتجة لأي صناعة تطوير صناعتها، طبيعي أن تستدعي الكوادر المتطورة في هذه الصناعة».
بدوره، يقول جمال سليمان في اتصال مع «الأخبار»: «خضت شخصياً تجارب خارج سوريا. كذلك، كانت لأسماء مهمة تجربتها بدءاً بهيثم حقي وحاتم علي، وصولاً إلى الشباب أمثال باسل خياط وكندا علوش. هذا التعاون يندرج ضمن مصلحة المنتج أو المحطة في صنع توليفة من الكفاءات تزيد عملية التسويق، وتجربة رامي حنا ومكسيم خليل في لبنان تندرج في هذا السياق». ويشرح النجم السوري: «الدراما السورية ستعاني من صعوبات تسويق ومشاكل انتاجية بسبب غياب سوق العرض الفضائي السوري المستقل. المحطات السورية لا تدفع إلا أسعاراً زهيدة مقابل الأعمال السورية». ويخلص نجم «قصة حب» إلى أنّه طبيعي أن يستفيد لبنان من الخبرات السورية، لا سيما أنّه بلد تُسلَّط عليه الأضواء حالياً من قبل المحطات العربية في عملية الإنتاج». ويتوقع سليمان أن يتغير مفهوم المسلسل التلفزيوني في ما يتعلق بالمواضيع المطروحة ليبتعد عن هموم المجتمع، إذ إنّ «الدراما العربية ستحاكي المسلسلات التركية وتركّز على القضايا الشخصية وهي محاولات لاستنساخ أعمال تركية ومكسيكية وتسخير الخبرات الكبيرة لإنجاز هذه الأعمال. وربما لم يعد مرغوباً أن يشاهد العالم العربي مسلسلات مثل «التغريبة الفلسطينية»، بل سيتابع صراع رجل أعمال وقصص حب وما إلى ذلك» إذاً كل المؤشرات تدلّ على أن الدراما اللبنانية أمام رهان الازدهار، فهل ستستفيد من الخبرة السورية التي تلتحم بالواقع وهمومه وتقدّم صورة حقيقية نصاً وأداءً على عكس نظيرتها اللبنانية؟



مصر قبلة المشاهير

لم تحسم شركة «العدل غروب» أمرها بشأن النص الأخير لمسلسل «سيدنا السيد» الذي يجسد فيه جمال سليمان شخصية الرجل الصعيدي. إذ يستعد النجم السوري للسفر إلى القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة للبحث في الشكل النهائي للنص الذي لا بد من أن يحسم خلال 15 يوماً بحسب سليمان. من جهة أخرى، علمت «الأخبار» أن شركة «سامة» وصلت إلى المراحل الأخيرة من تصوير «روبي» في لبنان. وسيتجه فريق العمل كاملاً إلى القاهرة لاستكمال عمليات التصوير بعد التنسيق مع مكسيم خليل حتى يستطيع إنهاء تصوير مشاهده في الفيلم السوري «صديقي الأخير» للمخرج جود سعيد.