قد لا تكون المصادفة وحدها هي التي جعلت عبد الرحمن شلقم، وعبد الحليم خدام الضيفين الأولين في برنامج «الذاكرة السياسية» على قناة «العربية».
أطلّ مندوب ليبيا في الأمم المتحدة، ونائب الرئيس السوري السابق، في حلقات متتالية خلال الأسابيع الماضية للحديث عن تجربتهما في الحكم، وانشقاقهما عن نظامَي معمر القذافي وبشار الاسد.
لا ينفي مقدّم البرنامج طاهر بركة أن التطورات السياسية في المنطقة أعطت زخماً لـ«الذاكرة السياسية»، فجاء عرض الحلقة الأولى مع شلقم بعد أسبوع على قتل القذافي، فيما عرضت حلقات عبد الحليم خدام بالتزامن مع تعليق عضوية سوريا في «الجامعة العربية». لكن الإعلامي اللبناني يشرح أن «الحلقات صوّرت قبل فترة، ونختار حالياً عرض المقابلات وفق الأحداث السياسية في المنطقة». لكن لماذا اختارت «العربية» عرض هذا النوع من البرامج في هذه الفترة؟ يقول بركة إن الثورات العربية هي التي جعلت هذا البرنامج مطلوباً على القناة «وحالما اقترحت عليّ المحطة الفكرة، وافقت وبدأنا التصوير.. اليوم بات ضرورياً أن نستمع إلى حقائق وملفات كان الحديث عنها ممنوعاً في الفترة السابقة». طبعاً لم يخبرنا الضيوف بـ«الحقيقة الممنوعة» إلا من وجهة نظرهم، وهو ما لا ينفيه بركة بل يقول إنّ «الذاكرة السياسية» ليس وثائقياً، بل مقابلة طويلة مع سياسيين كان لهم تأثير في دولهم اثناء مشاركتهم في الحكم «وبالتالي لا أدّعي أن برنامجي يروي الحقيقة كاملة، إنه ببساطة محاولة توثيق». ويكشف أن فكرة تحويل كل هذه المقابلات الطويلة إلى كتاب أمر وارد لكن بعد الانتهاء من البرنامج.
عند مشاهدة الحلقات الأولى من «الذاكرة السياسية»، يمكن الخروج بمجموعة ملاحظات، أبرزها أنّ حديث الضيف لا يتطرّق إلى بعض النقاط الحساسة التي عاصرها. كذلك نلمس تشابهاً واضحاً بين هذا البرنامج و«شاهد على العصر» الذي قدّمه أحمد منصور على «الجزيرة» قبل أن يتحوّل اسمه إلى «شاهد على الثورة». يقول بركة إنه من الطبيعي أن تكون الفضائية القطرية سباقة في بعض الأفكار، إذ إنها انطلقت قبل قناة «العربية»، «لكن برنامجي يختلف عن «شاهد على العصر» في نقاط عدة، خصوصاً لجهة المواضيع التي يركّز عليها الضيف. في برنامج أحمد منصور، كان الضيف يروي ما يشبه قصة حياته، وهو ما لا يحصل في «الذاكرة السياسية»». أما عن تغاضي «العربية» عن التطرّق إلى بعض المراحل من حياة الضيف فهو أمر طبيعي برأي بركة «عندما لا يتحدّث الضيف عن بعض المواضيع، فالسبب أنه لا يملك معلومات كافية عنها». من جهة أخرى، يكشف بركة في حديثه مع «الأخبار» عن أسماء بعض الضيوف الذين سنشاهدهم على «العربية» ضمن البرنامج الحواري وهم الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميّل، والرئيس الباكستاني السابق برويز مشرّف، ورئيس الحكومة البريطاني السابق طوني بلير. أما الشخصية التي يرغب في تسجيل عدد من الحلقات معها فهي... جورج بوش الابن. يرى الإعلامي اللبناني أن الرئيس الأميركي السابق يملك حتماً الكثير ليقوله عن الحربَين على العراق وأفغانستان وغيرهما... وهل سيقابل سياسيين إسرائيليين؟ يبدو جواب بركة حاسماً «كلا، فأنا لبناني ولا يمكن أن أقبل بمحاورة إسرائيلي وجهاً لوجه».لا يزال برنامج «الذاكرة السياسية» في حلقاته الأولى. وبالتالي فإن الحكم عليه يبقى باكراً وإن كانت السياسة المتبعة في اختيار الضيوف غير واضحة، فهل يقع البرنامج في مطب الانتقائية أم ينجح طاهر بركة في تخطّي حسابات قناة «العربية»؟

كل جمعة 22:05 على «العربية»، والإعادة الاثنين 16:00 والثلاثاء 03:00