عندما نقول «هاسلبلاد»، تتبادر إلى ذهننا الكاميرا السويديّة الشهيرة، نظراً إلى شهرة مخترعها، على مدى قرن ونصف. وتعدّ الجائزة العالميّة التي تحمل اسمه (حوالى 140 ألف دولار) أشبه بـ«نوبل» التصوير الفوتوغرافي. منذ 1980، تمنح «مؤسسة إرنا وفيكتور هاسلبلاد» الجائزة لـ«مصوّر معروف بإنجازاته الضخمة». تكريم فنّ التصوير الفوتوغرافي كان وصيّة فيكتور (1906 ـــ 1978) الصناعي والمصوّر وصانع العدسات الرائد، الذي أوصل إمبراطوريّة أجداده إلى الفضاء. في 1969، حين كانت «أبولو 11» تحطّ على سطح القمر، استخدمت عدسة هاسلبلاد لتوثيق أحدّ أهمّ إنجازات التاريخ البشري. كما أدى فيكتور دوراً في تطوير العدسات منذ 1941، حين أوكل إليه تصميم كاميرا تتفوّق تقنياً على كاميرا تجسس ألمانية، سقطت فوق السويد خلال الحرب العالمية الثانية. وكان لهاسلبلاد الفضل في ابتكار الكاميرات ذات الاستخدام الشخصي. على مدى السنوات الثلاثين الماضية، كرّمت جائزة Hasselblad روّاداً تركوا بصماتهم في تاريخ الفن الفوتوغرافي. نشير إلى الأميركي إيرفين بن (1971 ـــ 2009) الذي جعل تصوير عروض الأزياء عملاً فنياً خالصاً، والياباني هيروشي ياماها (1915 ـــ 1999) الذي أدخل لمسة من الشعر على صور الحروب والمجاعات، وصولاً إلى الأميركيّة نان غولدين (1953) أحد أبرز أسماء الفنّ المعاصر، وبين الأكثر جرأة في معالجة قضايا الجنس والجسد والرغبة. آخر الفائزات بالجائزة كانت صوفي كال التي جاءت الليلة إلى بيروت لتقدّم مداخلة في فضاء «أشغال داخلية» احتفاءً بزميلها اللبناني الذي خلفها في هذا الموقع.
وليد رعد أوّل عربيّ ينال الجائزة «تقديراً لجهوده في تجديد الصورة التوثيقية» وفق بيان المؤسسة. لم يكن صاحب مشروع «أطلس غروب» يحتاج إلى الجائزة ليحظى بالاعتراف العالمي. لكنّ «هاسلبلاد» احتفاء مستحقّ بمسيرته الغنيّة والمتشعّبة. تسلّم رعد الجائزة في مقرّ إقامته في نيويورك منذ أشهر، كما أنّ «متحف غوتنبرغ للفن» في السويد يستضيف حالياً معرضاً لمجموعة من أعماله الفوتوغرافية. لكن الاحتفاء به في بلده يأتي خطوة رمزيّة مهمّة لا بدّ منها.
ليس مفاجئاً أن تتخلّف أروقة الثقافة الرسميّة في لبنان عن الاحتفاء بوليد رعد، رغم منجزه الضخم، وخصوصاً أنّ عبارات «فنون معاصرة» و«تصوير فوتوغرافي» لم تدخل على الأرجح قاموسها الذي يتخبّط في القوالب الفولكلورية المحنّطة. مرّة جديدة، تأتي المبادرة من مؤسسات غربيّة وجمعيّات مدنيّة، إذ يكرّم فضاء «أشغال داخليّة» وليد رعد، والمصوّرة صوفي كال في محاضرة تجمعهما عند الثامنة من مساء اليوم. سيتخلل المحاضرة كلمة لمديرة جمعيّة «أشكال ألوان» كريستين طعمة، وأخرى لمدير «مؤسسة هاسلبلاد» بو ميهرمان. الفضاء الذي يبدأ موسمه الفني مع رعد وكال، يستكمله مع محاضرة غير أكاديمية للمسرحي اللبناني ربيع مروّة بعنوان The Pixelated Revolution (٣/١٢/٢٠١١)، وورشة عمل حول التقنيات السمعية البصرية الحديثة، يديرها فادي طبال وبلال هبري (١٤ و١٥/١٢/٢٠١١)