الجزائر | بعدما انتظر صحافيو الجزائر ثلاث سنوات لإقرار قانون إعلام جديد، بدأ البرلمان الإثنين الماضي التصويت على مشروع قانون، وسط حالة من الغضب غير المسبوق ساد الساحة الإعلامية. إذ تجمّع عدد من الصحافيين الغاضبين أمام مبنى البرلمان احتجاجاً على بعض المواد المقترحة، مطالبين بإعادة النظر فيها قبل التصويت النهائي على المشروع. ورفض هؤلاء التعامل مع أي نص قانوني يحدّ من حرية التعبير، ويعيد الصحافة المستقلة إلى نقطة الصفر.
بعد خطاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (15 نيسان/ أبريل الماضي)، ووعوده بإجراء إصلاحات في الجزائر، جاء قانون الإعلان الجديد ليؤكد العكس. إذ يتضمّن مواد تنص على فرض غرامات مالية على الصحافيين ويمنح السلطة الحق في سحب التراخيص ووقف صدور مطبوعات.
وزير الإعلام الجزائري ناصر مهل الذي قدّم نفسه على أنّه «أول نقابي يدافع عن حقوق الصحافيين»، أثبت من خلال هذا القانون العكس تماماً. الوزير نفسه الذي عجز عن تطوير التلفزيون الرسمي، وظل يتهمه بالرداءة، هو ثامن وزير إعلام خلال العقد الماضي. وقد ذكرت منظمة «المبادرة من أجل كرامة الصحافي» في بيان لها، خيبة أملها من الوزير: «نسجّل بكل أسف تملص وزارة الاتصال (الإعلام) من التكفل الحقيقي والفعال بمشاكل الصحافيين... مستغربين في الوقت ذاته تصريحات الوزير بأن القطاع الخاص لا يعنيه». وعبّرت المنظمة عن رأيها في القانون الجديد «الذي لا يستجيب لمشاكل الصحافيين واهتماماتهم».
إذاً بعدما كان الإعلام هدفاً رئيسياً للجماعات الإرهابية، باتت هذه الساحة ضحية تشريعات تخنقها ولا تسمح للصحافيين بممارسة وظيفتهم. وقد عبّرت نقابة الصحافيين عن استيائها من بعض بنود القانون. كذلك دعت إلى تسليم مهام هيئة الضبط (الهئية المكلفة بمراقبة وسائل الإعلام وإعطاء التراخيص) لصحافيين لا لمسؤولين سياسيين.
صحيح أنّ قانون الإعلام الجديد في الجزائر حاول التعرّض إيجاباً أو سلباً إلى عدد كبير من القضايا التي تهمّ العاملين في مهنة الصحافة، لكن القضية الأكثر حساسية التي تشغل بال الإعلاميين، تجاهلها النص القانوني، وهي قضية احتكار الحكومة لسوق الإعلانات. مختلف الصحف والمطبوعات في الجزائر تبقى ضحية لعبة التوازن التي تحكم علاقتها بـ«المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار» التي تسيطر على السوق الإعلاني. الصحافي المخضرم علي جري عبّر عن خيبته من القانون الجديد كاتباً: «القانون سيُناقَش، وسيُدلي النواب بعدد من الآراء والاقتراحات، وسيصادقون في النهاية على المشروع المعروض عليهم بعد إدخال بعض التعديلات الشكلية التي لن تقدم ولن تؤخر في شيء. وبعدها ستعود حليمة إلى عادتها القديمة... فيكتب الصحافيون ما يشاؤون وتفعل السلطة ما تريد».