هل يشهد العام الجديد نهايةً لأسطورة «ويكيليكس»؟ يبدو أنّ جوليان أسانج نفسه يجهل الجواب عن هذا السؤال. البيان الذي أصدره الموقع أمس يثير أسئلة عدة تتعلق بقدرة أسانج وفريقه على محاربة الحصار المالي الذي فرض عليهم منذ السابع من كانون الأول (ديسمبر) الماضي. يومها رفض كل من «بنك أوف أميركا»، و«فيزا»، و«ماستر كارد»، و«باي بال»، و«ويسترن يونيون» استقبال الهبات المقدّمة للموقع، «وقد أدى ذلك إلى خسارتنا 95 في المئة من مداخيلنا (وهو ما يقدّر بخمسين مليون دولار تقريباً)» كما جاء في البيان نفسه. وحالياً يحتاج الموقع إلى ثلاثة ملايين ونصف مليون دولار كي يستمرّ في العمل عاماً إضافياً.
وبعد ظهر أمس، عقد مؤسس الموقع جوليان أسانج مؤتمراً صحافياً في لندن ليعلن هذا الخبر مباشرةً «وإذا لم نجد وسيلة لخرق هذا الحصار المالي المفروض علينا، فلن نتمكّن من الاستمرار بحلول العام الجديد». وأضاف إنّ «ويكيليكس» رفع دعاوى قضائية ضدّ هذه المؤسسات المالية في كل من: الدانمارك، أيسلندا، بريطانيا، أوستراليا وبلجيكا «إلى جانب الاتحاد الأوروبي، حيث ننتظر جواباً أولياً منتصف الشهر المقبل عما إذا كان الاتحاد سيقبل بفتح تحقيقات جدية حول الموضوع مع «فيزا»، و«ماستر كارد»». وأضاف إن هذا الحصار «هو هجوم ضدّ حرية التعبير. إن القوى المالية تعمل على تحطيم منظمة (أي «ويكيليكس») تناضل من أجل حرية التعبير على الإنترنت، ولم تمارس أي عمل غير قانوني». ولم يتردّد في توجيه أصابع الاتهام إلى جهات أميركية، وتحديداً سياسيين يمينيين متعصبين دعوا إلى اغتيال موظفي ويكيليكس». ولعل المفارقة كانت ما أعلنه مؤسس الموقع عن أنّ الشركات المالية لم تمنع تحويل الهبات التي تهدف إلى تغطية نفقات فريق المحامين الذي يدافع عنه في قضية التحرّش الجنسي المتهم بها «إذاً هذه الشركات قلقة من الوثائق التي ينشرها الموقع فقط».
لكن يبدو أن توضيحات أسانج لن تقنع المؤسسات المالية الأميركية (يقع مقرها الرئيسي في أميركا) بفكّ الحصار الذي فرض قبل أشهر، وتحديداً بعد نشر أكثر من 250 ألف وثيقة مصدرها وزارة الخارجية الأميركية. لذلك ابتكر الموقع وسائل أخرى لاستقبال الهبات، ومن ضمنها تحويل الأموال عبر شركات مالية أخرى، أقلّ شهرة ونفوذاً من تلك التي تشارك في الحصار. إلا أن المتفائلين يؤكدون أن الموقع سيخرج من أزمته تماماً كما حصل مطلع عام 2010 حين تدهورت عائداته المالية، لكنّه تمكّن من الاستمرار في نشر وثائقه.
وبعد المؤتمر الصحافي الذي عقده أسانج أمس، برزت في الإعلام الغربي أسئلة عدة حول مستقبل هذا النوع من الإعلام الجديد. وهو الإعلام الذي ظنّ كثيرون أنّه سيشكّل جزءاً أساسياً من المشهد الصحافي في السنوات المقبلة من خلال تدفّق المعلومات من دون أي رقابة. لكن يبدو أن القوى السياسية والمالية التي تتحكّم بالعالم كان لها رأي آخر.
ليال...