من شعر محمود درويش، ومن أفراح المخيمات وأحزانها، ومن انتظار العودة إلى فلسطين، وقصص الحب التي لا أمل في نجاحها، استوحى راكان مياسي قصّة فيلمه الروائي القصير «ربّما». أنهى مياسي تصوير شريطه الجديد في مخيم ضبية (شمال بيروت) مع فريق عمل اعتاد التعاون معه، وخصوصاً مدير التصوير قصي حمزة، ومصمّم الأزياء بشارة عطا الله. ويؤدي دور البطولة في العمل كريم قاسم، الذي يجسد شخصية شاب يعيش في المخيّم، فيصوّر لنا الفيلم تجربته وحياته هناك، إضافة إلى ليلى حكيم في دور جدّة كريم، وميسم التي تؤدي دور حبيبته.اختار راكان مياسي التعبير عن مضمون الشريط بالصورة بدلاً من الكلمة. ولعل المخرج الشاب لم يقصد الخروج بفيلم شبه صامت، يعتمد حواره على لغة العيون وأغنية تنقل واقع المكان، وسيل من المشاهد المتخيلة في ذهن البطل. وهو ما سيجعله قادراً على جذب شريحة واسعة من الجمهور العربي والغربي. وبعد دخول العمل مرحلتي المونتاج والميكساج، من المتوقع أن يشارك في المهرجانات السينمائيّة العربيّة والعالميّة. لا يريد مياسي أن يرى المُشاهد صورة المخيم الفلسطيني في التفاصيل، بل يخطط لأن يعبّر عمله عن صورة اللاجئين في كل مكان. يقول: «عندما تشاهد الفيلم، قد لا ترى شيئاً من فلسطين، وقد ترى فلسطين كلّها، وتعمدت ألّا أرصد واقع اللاجئ الفلسطيني بالتحديد، بل واقع الإنسان اللاجئ أينما وجد». ويتابع شارحاً: «قمت بجولة على كل المخيمات الفلسطينية، حتى وصلت الى ضبية، حيث وجدت ما أطلبه». هناك بنى فريق العمل غرفة من الخشب والزنك، «لكي أوحي للمشاهد بأن كريم بنى بيته بيديه». ويوضح المخرج أنه أراد «أن تكون الشخصية بعيدة عن المخيم وقريبة منه في آن واحد»، مضيفاً «نفهم من خلال الأحداث أن كريم يتاجر بالحديد، ومارس سابقاً مختلف المهن لتأمين لقمة العيش». وقد حرص مياسي على عدم إظهار المنطقة التي صوّر فيها، «لأنني أريد أن أحثّ المشاهد على تشغيل مخيلته». وتدور أحداث الفيلم في يوم واحد، يصلح لأن يكون في يومنا هذا أو قبل عقود، مصوراً حياة شاب ينتظر حبيبته. يدعوها إلى منزله، ويُعد طاولة الغداء ويسرق قنينة نبيذ للاحتفال. وخلال رحلة الانتظار، يستعيد مشاهد من الذاكرة، أبطالها الجدة، والحبيبة المنتظرة، وبعض الجيران في المخيم. ويثني مياسي على ليلى حكيم وهي «الجدة التي تمثّل دور الزمن، كأنها عاشت في فلسطين قبل التهجير». وتبقى مشكلة الإنتاج التي تواجه معظم المخرجين الشباب. يؤكد مخرج «ربما» أن «الميزانية صغيرة جداً، وجمعتها من مصادر مختلفة». يهرب مياسي من تسمية فلسطين، ويقول إن فكرته الأساسيّة هي الانتظار، لكن الحبيبة في النهاية لن تعود «حفاظاً على الغموض» كما يقول، لكن مهما هرب من التسميات، ففلسطين حاضرة في كل زاوية من زوايا فيلمه.