بعد الدجاجة التي زيّنت العام الماضي ملصقات «مرايا 2010» حاملةً شعار «مين قبل؟ الدجاجة ولا الحمرا؟»، تحتفي الدورة الحالية من «مهرجان شارع الحمرا ـــــ مرايا 2011» بالبيئة والإنتاج الزراعي الوطني، إلى جانب تقديمها برنامجاً فنياً وثقافياً غنياً يمتدّ طوال الأيام الثلاثة من عيد الفطر.
هذا العام، كل زائر لـ «مرايا 2011» سيحصل على تفاحة «لأن التفاح صحي ومنتج لبناني يحقق أعلى معدلات سنوية في مجال التصدير»، كما تؤكد المنظمة نجوى بارودي. «إرشاد» الجمعية غير الحكومية التي تعمل منذ عقد على توعية المزارعين اللبنانيين على طرق الزراعة الصحية والناجعة، ستتولى الشّق التوعوي الوطني المستحدَث في دورة هذا العام.
أما الشق البيئي، فسيبدأ بمبادرة ستمهّد لمشروع أكبر قد يتخطى منطقة الحمرا، إذا نجح هذا التعاون بين هيئات «مرايا 2011» وبلدية بيروت والجامعة الأميركية. البداية ستكون بتشييد ستة مقاعد إسمنتية على أرصفة الحمرا تحيط بكلٍّ منها نبتة من كلا الطرفين. هكذا «سيستعيد الرواد شارعهم» كما تقول بارودي. خلال أيام المهرجان الثلاثة، سيزيّن شباب لبنانيون تلك المقاعد برسومهم، من بينهم عضو فرقة «أشكمان» عمر قباني، وفنان الغرافيكس هادي بيضون.
أما المشروع الأكبر المدرج على القائمة، والمؤجل حتى «أقرب فرصة»، وفق بارودي، فهو تنسيق «الحدائق العمودية» على جدران الحمرا، وبعدها على جدران أخرى في المدينة. و«الجدران الخضراء» أو «الجدران النباتية» مفهوم ابتدعه ونشره عالم النبات الفرنسي باتريك بلان في مواجهة ندرة المساحات الخضراء التي تعانيها المدن. ويقضي المشروع بزرع النبات على الجدران وفق آلية «كفيلة بتجميل الجدار وتزويد المارة بمزيد من الأوكسيجين، كما أنها غير مكلفة كثيراً»، وفق ما تشرح بارودي بناءً على دراسة سبق أن أعدّها المركز المدني (civic center) في الجامعة الأميركية في بيروت.
إذاً، الحمرا مجدداً والحمرا دوماً لأنها «المكان الذي ينطلق منه كل شيء جديد» كما يقول منظّم المهرجان فادي غزاوي. هنا «يكتسب الاحتفال طعماً مختلفاً»، حيث طلاب الجامعات المحيطة من شارع بلس إلى قريطم، وشباب العالم السفلي لمدينة تغلي بالأسئلة. بعضهم يرسم على الجدران، وبعضهم يغنّي مشاكله، وبعضهم ينثرها قصائد. رواد الليل وخفافيش الشعر والظلام، كما ربات المنازل والأطفال والموظفون والتجار... كلّ هذا النسيج تجده في الحمرا.
على مدى ثلاثة أيام، سيستعيد كل هؤلاء شارعهم، بعد أن يقفل أبوابه في وجه السيارات. المهرجان الذي أطلقته «جمعية تجار الحمرا» العام الماضي بعد انقطاع دام 12 عاماً، حقّق مطلباً ينادي به كثيرون من روّاد الشارع وعشّاقه. في المسافة الممتدة من مبنى «فرنسبنك» حتى «نزلة أبو طالب»، سيجد كلٌّ ضالته: سيكون للأطفال ركنهم المليء بالألعاب، بعضها مجاني مثل ورش الرسم التي عوّدهم إياها محترف «ابريق الزيت»، وبعضها مدفوع. لمحبّي الأشغال اليدوية والملابس والحلي، حيّز أيضاً، إضافة إلى انضمام «سوق الطيب» هذا العام إلى القسم المخصص بالتغذية والطعام. أما الشباب، فلهم حصة كبيرة من خلال الحفلات الموسيقية التي ستحييها فرق راب وطرب لبنانية مثل «أشكمان»، «نشاز»، وZeine Dine Mc، ورنا الخليل، وحفلة الفيوجن التي ستقدمها الضيفة التركية بهية سوران.
«الفرق الموسيقية المشاركة من هواة ومحترفين، تعكس هوية الشارع وروحه» يقول غزاوي. الرجل المعتاد تنظيم المهرجانات، والمسؤول عن تنظيم «مهرجان بيروت للموسيقى والفنون»، يدرك خصوصية شارع الحمرا. مع زميلته بارودي، طوّع شروط المهرجان لتلائم هذه الخصوصية. هكذا، قدِّمت تسهيلات كثيرة للمشاركين من جمعيات وطلاب.
في اللحظة السياسية والمعيشية الضيقة التي تعيشها المدينة، يكتسب المهرجان رونقاً خاصاً في نظر غزاوي، لأن «الحمرا منطقة جامعة. ملتقى يجمع الحركات السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والسكان من مختلف الطوائف، وهو مظهر يجدر الاحتفاء به واتخاذه نموذجاً لكل لبنان».




طموحات وآمال

يطمح فادي غزاوي إلى نسخة جديدة من «مهرجان شارع الحمرا» تكون أكثر تطوراً، وتشمل «فنوناً أخرى إلى جانب الموسيقى، مثل المسرح الارتجالي والتصوير والرسم، إضافة إلى مساحة للنقاشات تحاكي الـ «هايد بارك» الإنكليزي، وإلى مشاركة أكبر للمدارس الغائبة عن دورة هذا العام. فالمهرجان يأتي في العطلة الصيفية، وهو أمر قد يدفعنا ربما إلى تغيير موعده لاحقاً».