الجيل المؤسس لعصر ازدهار السينما المصرية أوشك على الانقراض. كمال الشناوي ارتاح من المرض ورحل تاركاً وراءه وجعاً في قلب محبيه وهواة أفلام الأبيض والأسود التي تألق فيها منذ منتصف القرن الماضي، لكن نجومية الشناوي لم تتوقف عندما دبّ الشيب في شعره الأسود الفاحم واجتاحت الألوان السينما المصرية. ظل النجم الملقّب بـ «كلارك غيبل العرب» قادراً على اللمعان حتى آخر أفلامه «ظاظا»، الذي قدم فيه شخصية رئيس جمهورية فاسد يُهزم في معركة انتخابية نزيهة فيطويه النسيان، لكن عندما خلع المصريون حسني مبارك، كانت الحالة الصحية للشناوي تمنعه من التعليق على المشهد الذي قدمه على شاشة السينما ولو اختلفت التفاصيل. منذ أكثر من 4 أعوام، غابت أخباره تماماً، وتردد أنه يقيم بين منزله ودار للرعاية بسبب حالته الصحية
وأمراض الشيخوخة، ليغيّبه الموت صباح أمس في القاهرة.
أبناء جيله لم يصمدوا كما صمد الشناوي أمام كاميرات السينما وعلى شاشة التلفزيون. في نهاية الأربعينيات، تخرّج كمال الشناوي من كلية التربية الفنية وعمل فترة مدرساً للرسم، لكنّ وسامته وجماله وملامحه الجذابة سهّلت عليه دخول السينما. اكتسب خبرته الكبيرة بالممارسة وتعدد الأدوار التي قدمها. ووصل سريعاً إلى مرحلة النضج بعد سلسلة أفلام رومانسية وكوميدية خفيفة، معظمها مع شادية وإسماعيل ياسين.
كان يتمتع بطلّة مميزة، سواء كان الفيلم خفيفاً أو من العيار الثقيل. غير أن تأمل أفلامه الأهم من الناحية الفنية يكشف أبعاداً أكثر في قدرات هذا الممثل، الذي لم يعتمد كثيراً على وسامته. من هذه الأعمال «الكرنك»، الذي أطلّ فيه مع نور الشريف، وسعاد حسني وفريد شوقي، لكن الشناوي نجح كالعادة في الحفاظ على مساحته الخاصة. وهو ما تكرر في «اللص والكلاب» لشكري سرحان وشادية، حيث جسد شخصية الصحافي الانتهازي. وفي فيلم «أمير الانتقام» نافس النجم المتألق في تلك الفترة أنور وجدي، من خلال شخصية شاهين التاجر الفاسد، وظهر كصحافي انتهازي مجدداً في فيلم «الرجل الذي فقد ظله». ورغم ابتعاد هذا الجيل عن التلفزيون، إلا أنّ الحضور المحدود لكمال الشناوي على الشاشة الصغيرة لم يخلُ من الأعمال البارزة، وفي مقدمتها «هند والدكتور نعمان» و«زينب والعرش». أما آخر مسلسلاته، فكان بعنوان لافت هو «آخر المشوار».