تضامناً مع الانتفاضة السوريّة، يستضيف فضاء «مدار» التونسي، أشرطة وثائقية لسينمائيين من أجيال مختلفة، من عمر أميرلاي إلى الأخوين ملص وعلاء عربي كاتبي. القاسم المشترك بين الأفلام تصدّيها للواقع السياسي والاجتماعي، وما حصدته من منع وإقصاء. تونس بن علي منعت شريط عمر أميرلاي «طوفان في بلاد البعث» في مهرجان قرطاج (2006)، وتونس ما بعد الثورة تعرضه، إلى جانب «الحياة اليومية في قرية سورية» (1974)، كرسالة اعتذار إلى السينمائي الراحل، بمبادرة من المسرحية رجاء بن عمار. يختزل الشريطان رحلة هذا السينمائي في نبش الواقع السوري بمبضعه الحاد. توغلت كاميرا أميرلاي بمشاركة سعد الله ونّوس إلى أبعد نقطة في البلاد لاختبار مجريات الحياة اليومية، في قرية مهملة على كتف نهر الفرات. قرية مويلح، نموذج دامغ على عسف السلطات المحلية تجاه فلاحين حفاة غارقين في البؤس. وسيعود أميرلاي بعد ربع قرن في «طوفان في بلاد البعث» (2003)، إلى مدرسة أخرى في قرية الماشي لتشريح مآل ثورة البعث... وإذا بنا أمام سجن إسمنتي ينتج ببغاوات تردد نشيد البعث كل صباح.من جهتها، ترصد هالة محمد أحوال المعتقل السياسي في سوريا، في ثلاثة أشرطة هي «إذا تعب قاسيون»، و«قطعة الحلوى»، و«رحلة إلى الذاكرة». ما يجمع هذه الأشرطة هو حياة ما بعد السجن. هكذا نلتقي في «إذا تعب قاسيون» الشاعر محمد الماغوط في شيخوخته، مستعيداً تجربته القصيرة في سجن المزّة، أواخر الخمسينيات. في المهجع الرابع، كتب الشاب التائه، الذي انتسب مصادفةً إلى صفوف «الحزب السوري القومي الاجتماعي»، مذكراته الأولى «القتل»، على ورق سجائر لف، تلقّفها أدونيس، رفيقه في السجن، بوصفها قصيدة نثر رفيعة. نلتقي في «قطعة الحلوى» معتقلي جيل آخر، هدروا شبابهم وراء القضبان، فتمزّقت أرواحهم ببطء. ذلك أن رحلة ما بعد السجن، لا تقل إيلاماً عمّا قبلها. يتشهى عبد الحكيم قطيفان قطعة حلوى في السجن، وتنتهي حسيبة عبد الرحمن إلى حطام امرأة، تحت وطأة التعذيب، ويروي عدنان مقداد شهادة جارحة عن حياة مزّقها الغياب القسري. وفي «رحلة إلى الذاكرة»، تعيد محمد بناء سيناريو موازٍ، لتجربة ثلاثة معتقلين يساريين هم: ياسين الحاج صالح، وفرج بيرقدار، وغسان الجباعي، في رحلة مضادة إلى سجن تدمر.

10:00 ليل اليوم ــــ «مدار» (جادة الحبيب بورقيبة ـــــ قرطاج). للاستعلام: 21671275210 00