يستعيد «لحظة ضياع» (٢٠١٥) للمخرج جان فرنسوا ريشيه فيلم المخرج كلود بري الذي صدر سنة ١٩٧٧، بالعنوان نفسه. الشريط الذي يعرض في الصالات اللبنانية حالياً، يروي قصة صديقين أنطوان (فرنسوا كلوزيه) ولوران (فنسنت كاسل) اللذين يذهبان إلى كورسيكا موطن أنطوان لقضاء عطلة الصيف برفقة ابنتيهما المراهقتين لونا (لولا لو لان) وماري (الممثلة أليس إيزاس). وفيما تبدو ماري الأكبر سناً متمردة ومندفعة، تظهر لونا فتاة حالمة تبحث عن أمير أحلامها الطفولي.
والطفولي كما نكتشف لاحقاً يعيدنا إلى الأوديبي، أو إلى الكترا، حين تقع لونا في حب صديق أبيها الخمسيني لوران. هكذا ينشأ الانجذاب بينها وبين لوران إثر رحلة التسلق التي يذهب إليها الأربعة سوية، بعد أن يتبادل الأبوان الأدوار، فيرافق لوران لونا إلى أسفل الوادي. إنها لعبة تبادل الأدوار التي يؤسس لها المخرج منذ البداية، فتبدو الحدود مبهمة بين الأربعة، في ظل غياب الزوجات. لوران رجل مطلق، في حين أن زوجة أنطوان تريد الانفصال عنه، رغم أنه يأبى الاعتراف بذلك ليصبّ غضبه على ابنته لونا التي يود تقييدها والسيطرة عليها كما لم يستطع أن يفعل مع زوجته. كأن قدوم الأربعة لقضاء العطلة في هذا المكان الجديد والمعزول عن الخارج، والحميمية التي يفرضها يمنح اللاوعي أيضاً فرصة ليسرح ويمرح على راحته، فتخرج كل الرغبات المكبوتة إلى السطح. يصوغ المخرج كل ذلك في جو من الكوميديا والخفة التي تبدو أحياناً غير محتملة في ظل القصة المطروحة. هكذا يركز على جانب الإثارة في تصوير شخصيتي لونا وماري وبقية النساء اللواتي يظهرن في الشريط كما في المشهد الذي يتجول فيه لوران وأنطوان ويحدقان بمؤخرات النساء المتمددات على الشاطئ. بعدها مباشرة، نرى جسد لونا المتمددة على ظهرها وتصورها الكاميرا من وجهة النظر التلصصية نفسها، فيما نرى في لقطة أخرى لونا متسللة إلى سرير أبيها لتنام بقربه بالوضعية نفسها التي نامت بها إلى جانب لوران الذي أقامت علاقة معه، بينما الكاميرا تصور اللقطتين من ذات وجهة النظر.

تقدم اللغة السينمائية موضوع سفاح القربى بطريقة تجارية
هي اللغة السينمائية التي تحاكي جوّ سفاح القربى الحاضر في الحبكة الروائية وتقدمه بطريقة تجارية هدفها إمتاع المشاهد الذي قد يجد في الفيلم إغراءً مضاعفاً بطبيعة الحال، ناتجاً من تماهيه مع الرغبة الأوديبية التي يطرحها الفيلم بوصفها قابلة للتحقق. لونا التي تغري لوران بحسب الفيلم، تزيح ثوب السباحة عن صدرها أثناء رحلة التسلق قاصدة أن يراها، أو في ما بعد خلال الحفلة، حين يكون لوران ثملاً، تقوده نحو الشاطئ وتخلع ملابسها أمامه، وتؤدي رقصة مثيرة وتقفز عليه في الماء محاولة تقبيله فيصدها أكثر من مرة، إلى أن يستسلم للإغراء أخيراً بعد أن تتمدد فوقه عارية. الأمر الذي يبدو مضحكاً، هو أن يكون لابنة السابعة عشرة كل هذه القدرات المذهلة، علماً بأن لا تجارب جنسية سابقة لها بحسب الفيلم. يتبنى الشريط وجهة نظر لوران الذي يضع اللوم على لونا ويعاقبها كأنما لشعوره بالرغبة تجاهها وهي تقوم بابتزازه وتهدده بإخبار أبيها إن لم يتجاوب معها.
وفيما لا يدرك الأب أنطوان شيئاً مما يحصل، ويستمر بالبحث عن حبيب ابنته السري غير مدرك أنه صديقه الذي يجلس قبالته، تكتشف ماري العلاقة بين أبيها وصديقتها لونا فوراً. يحصل ذلك حين ترتدي لونا سروال لوران الداخلي، الذي ــ وللسخرية ــ هو هدية من ابنته ماري. أما لماذا قد تختار ابنة لأبيها ملابسه الداخلية؟ فذلك يناسب منطق الفيلم الكوميدي الأوديبي، حيث تلوّح لونا بالسروال الداخلي كرمز لانتصارها على ماري. أما ماري المتمردة والمندفعة كما تبرز في البداية، وتقوم بدورها الممثلة أليس إيزاس في أداء لافت، فيتضح أنها الوحيدة العاقلة وسط هذه العائلة المجنونة. إنها هي من يحسم الأمور في النهاية، بعد أن تأتي لونا لتعتذر منها لما حدث مع أبيها، معتبرة أنه خطؤها لأنها استدرجته لذلك، فتخبرها ماري أن اللوم يقع على أبيها لأنه هو الراشد. وتأتي النهاية العجيبة حين يقرر الكل متابعة حياته بشكل طبيعي، إذ لا فائدة من إفساد العطلة الصيفية بسبب لحظة ضياع!

Un moment d'égarement: «سينما سيتي» (01/995195)، و«أمبير» (1269)