عكس ابنه، تقلّد أحمد بدرخان المولود عام 1909 من أصول كردية، عدداً من المناصب السينمائية والنقابية. يعد بدرخان الأب الرائد الثاني للسينما المصرية بعد محمد كريم. وقد خلفه في منصبَي عميد معهد السينما، ونقيب السينمائيين. تولى بعدها منصب رئيس «اتحاد النقابات الفنية» ثم عُيِّن مستشاراً لـ«مؤسسة السينما» حتى وفاته عن عمر ناهز الستين. لم يعمَّر الأب طويلاً، لكنه أنجز الكثير. في مراهقته، أعجب بالسينما (الصامتة حينها). لكنه كمجايليه، بدأ مسرحياً على يد جورج أبيض، ثم درس الحقوق بعد إغلاق معهد تمثيل زكي طليمات، لكنه راسل معهد السينما في باريس، ونشر دراسات عن الفن السابع.التقى طلعت حرب الذي يُعَدّ أبا الاقتصاد الوطني المصري، وأقنعه بإنشاء «استوديو مصر». استغرق المشروع خمس سنوات سافر أثناءها بدرخان بمنحة إلى أوروبا. افتُتح الصرح التاريخي عام 1935 وعيّن فيه مخرجاً براتب كبير في ذلك الوقت. تصدى لإخراج «وداد» (1936) الفيلم الأول لأم كلثوم. لكن السيناريو الذي أعده بنفسه سُحب منه ليمنح للألماني فريد كرامب، فاستقال بدرخان احتجاجاً من «استوديو مصر». فاته الفيلم الأول، لكنه سرعان ما أصبح أهم مخرج للسينما الغنائية، فأنجز أفلام أم كلثوم «نشيد الأمل»، و«دنانير»، و«عايدة» و«فاطمة». وأخرج «انتصار الشباب» الذي قدم فيه أسمهان وفريد الأطرش للجمهور المصري. وقدم لصباح «لحن أبي»، و«تاكسي حنطور» لمحمد عبد المطلب. كذلك أخرج لنور الهدى أفلاماً منها «عايزة اتجوز»، و«مجد ودموع» و«قبلني يا أبي»! باستثناء «عايزة اتجوز» ( 1953)، كانت كل الأفلام المذكورة في فترة ما قبل ثورة يوليو. خفت نجمه قليلاً بعد الثورة وانقطع نسبياً من منتصف الخمسينيات إلى منتصف الستينيات. وكان أهم أفلامه في سنواته الأخيرة فيلم «سيد درويش» (1966).
في ظل أبيه، نشأ الابن المولود عام 1946، تمرّد وأراد دخول الكلية البحرية، لكن والده لمح فيه هواية التصوير، فألحقه بمعهد السينما. اختار الابن قسم الإخراج، وتخرج عام 1967. ومثل أبيه، غادر إلى أوروبا لدراسة السينما لعامين. عاد وعمل مع والده مساعد مخرج. منحه ذلك خبرة وعلاقات وتجارب مع أبناء جيل أبيه، وخصوصاً صديق الوالد المخرج نيازي مصطفى. وعمل أيضاً مساعداً ليوسف شاهين.
إذاً، الأب وعلاقاته والدراسة الأوروبية منحوا علي بدرخان أسبقية على مجايليه، فأخرج باكورته «الحب الذي كان» (1973) وهو بعد في الـ27، مستبقاً أبناء جيله كعاطف الطيب، وخيري بشارة، ومحمد خان، وداوود عبد السيد الذين حصلوا على فرصهم بدءاًً من نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات. خاض انتخابات نقابة السينمائيين ثلاث مرات أمام ممدوح الليثي (2005)، ومسعد فودة (2010 و 2011) ولم يوفق.