لم يتخلّ غسان بن جدو عن ابتسامته المعهودة. وصل أمس إلى نقابة الصحافة (بيروت)، صافح الحاضرين، واعتلى المنصة الرئيسية إلى جانب شريكه نايف كريّم، ليكشف عن «أسرار»، بات الرأي العام ينتظرها بفضول، عن قناته الجديدة.المفاجأة الأولى أنّ المحطة الفضائية المفترض انطلاقها مطلع العام المقبل، ما هي إلا جزء من شبكة حقيقيّة تضمّ إذاعة، وموقعاً إلكترونياً إلى جانب «شركة الاتحاد للإنتاج»، وشركة إعلانات، وقناة فضائية، و«وسائط إعلامية أخرى ستبصر النور تباعاً»، كما وعد الإعلامي التونسي خلال إعلان المشروع أمس. كل ذلك يطرح طبعاً أسئلة لن نحصل بالضرورة على كل الإجابات عنها، عن ممولي المشروع وخلفياته وأهدافه...
أما المفاجأة الثانية، فاسم المحطة. بعدما دمج بن جدّو مشروعه مع مشروع قناة «الاتحاد»، التي انطلق بثها التجريبي قبل أكثر من شهرَين، ارتأى الطرفان اختيار اسم جديد للفضائية «مستوحى من نبض الشارع العربي في الوقت الحالي». هكذا أعلن رسمياً تأسيس «شبكة الميادين الفضائية»، «ونواتها قناة «الميادين»، على أن يتولى بن جدو موقع رئيس مجلس إدارة الشبكة، ونايف كريّم منصب المدير العام.
مقر هذه الفضائية العربية الجديدة، سيكون بيروت، وترخيصها بريطاني، وتتوزّع مكاتبها على عواصم رئيسية كأنقرة، وطهران، وواشنطن، ولندن، وبكين... إلى جانب مكتبَين رئيسيَّين في القاهرة، وتونس العاصمة. أما مستشارها القانوني، فهو الوزير السابق عصام نعمان.
لكن ماذا عن سياسة المحطة؟ ومن هي الأسماء التي ستنضمّ إلى «الميادين»؟ وكيف ستتعاطى مع الملفات العربية الشائكة؟ كشف بن جدّو أنّ الإعلامي اللبناني سامي كليب ـــــ المستقيل من «الجزيرة» أيضاً هو الآخر ـــــ سيتولّى إدارة الأخبار في الفضائية... وأعلن انضمام لينا زهر الدين أيضاً إلى المحطة، إلى جانب أسماء سبق أن تداولها الإعلام مثل زاهي وهبي، الذي تصدّر الحاضرين في المؤتمر الصحافي. في سياق السياسة التحريرية المعتمدة، تحدّث الإعلامي التونسي عن أولوية الملف الفلسطيني، و«حق الشعوب في مقاومة الاحتلال»، والاهتمام بالحريات، وأعلن: «سننحاز إلى ثقافة التسامح ورفض التطرف». وبدا حازماً في أكثر المواضيع حساسيّة في الإعلام العربي: العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي «لن نستعمل اسم إسرائيل، ولن نستقبل إسرائيليين على شاشتنا». باختصار، يمكن أن نلخّص الخط التحريري للمحطّة، بشعار «إعلام الواقع» أي «نقل الواقع كما هو بلغة صحافية محترفة تلتزم المهنية...».
أما نايف كريّم، متولّى الإضاءة على عملية دمج قناته «الاتحاد» مع مشروع غسان بن جدو، فقال: «مع بدء البث التجريبي لـ«الاتحاد»، عُرض علينا طرح ينسجم مع سياستنا، وكان لا بد من تلقّفه مسرورين. واليوم، نعلن انطلاق التحضيرات لشبكة «الميادين»، التي ستعيد الاعتبار إلى الواقع، بعدما انخرط كثيرون في تشويهه». أما سامي كليب، فتحدّث عن «نبض الشارع العربي الذي لا يزال فلسطينياً بامتياز: سننقل هذا النبض. سنكون الرأي والرأي الآخر فعلاً» قال، في لطشة غير مباشرة إلى المحطّة التي انطلق منها إلى عالم التلفزيون.
بعد هذه المقدمات، طرح بعض الإعلاميين الحاضرين تساؤلاتهم. وكانت مراسلة «التلفزيون السوري» السباقة في هذا المجال، معبّرة عما يدور في خَلَد معظم الحاضرين: كيف ستتعاطون مع الملف السوري؟ ابتسم بن جدو كعادته، واكتفى بإجابة ضبابية «سننقل الواقع، إن كان هناك انتفاضة شعبية، فسنقول إنها انتفاضة، وإن كانت ثورة، فسنقول ذلك، لكننا لن نكون بوقاً لأي طرف، لا الأنظمة ولا المعارضة». ثم انتقل إلى موضوع التمويل «لدينا موازنة جيدة بدعم من رجال عرب يقيمون في الخارج، بينهم لبناني وخليجي». وفي الإطار نفسه، شنّ هجوماً على «كل المغرضين الذين بثوا شائعات عن تمويلنا. غرفة العمليات السوداء، بوجوه صفراء، وأوراق أشد اصفراراً لا تستحق أن نرد عليها»، كما تحدّث عن شكل المادة التي ستقدّمها «الميادين»: «برامج، وأخبار، وحتى أفلام سينمائية...».
إذاً، مطلع العام المقبل تنضمّ «الميادين» إلى أكثر من 700 فضائية تحتلّ الفضاء العربي. لم يبق لنا سوى الانتظار، كي «نشاهد ثم نحكم»، كما طلب منّا غسان بن جدّو.