قرّر مردوخ إغلاق الجريدة التي كانت تبيض ذهباً، لتفادي مزيد من الاكتشافات التي ستلطّخ طبقة سياسيّة بأكملها. ريبيكا بروكس الطفلة المعجزة التي ارتقت سلّم المجد بلمح البصر في «نيوز أوف ذي وورلد»، فقدت بسمتها. الآن جاء دور ضحاياها كي يضحكوا، مثل هيو غرانتس بطل تلك المغامرة التعيسة في سانسيت بولفار.الجريدة الأسبوعيّة التي هزّت بريطانيا والعالم بسقطتها المفاجئة قبل أسبوعين، أكثر من مطبوعة واسعة الانتشار. إنّها رمز لإمبراطوريّة عظمى، أسّسها روبرت مردوخ انطلاقاً من لندن. من هنا بدأ التايكون الأوسترالي رحلته في عالم الإعلام، حين اشترى عام ١٩٦٩، المطبوعة التي كان عمرها آنذاك أكثر من قرن. NoW التي وصل مبيعها إلى مليونين وثمانمئة ألف عدد أسبوعيّاً، حجر الزاوية الذي شيّد عليه صاحب الـ«سان» والـ«تايمز» شبكة من الصحف والمجلات والمحطّات، تمتدّ من بريطانيا إلى الولايات المتحدة وأوستراليا... وصولاً إلى ديار العرب، من خلال شراكة طموحة مع الوليد بن طلال (روتانا، lbc...). فضلاً عن«سكاي نيوز عربيّة» التي يفترض أن تنطلق في الخريف المقبل.
كان التابلويد يعتاش على الفضائح والأخبار النتنة والجرائم المروّعة، فأدركته الفضيحة. إنّه نموذج لنوع من الصحافة الشعبيّة التي تعتاش على القمامة، كي تعكس للشعب الطيّب صورته التي لا يجرؤ على الاعتراف بها. الصحافة الصفراء التي تحوّل القرّاء إلى مهووسين ومتلصّصين، مشروع اقتصادي رابح في كل الأزمنة. والغاية تبرّر الوسيلة: صحافيّو NoW كانوا يتنصتون، بمساعدة الشرطة، على هواتف الموتى والضحايا وأهلهم ومقربيهم. ومديرها المسؤول آندي كولسون، قاد حملة جايمس كاميرون الانتخابية، قبل أن تستفيد من خبرته «سكوتلانديارد». اليوم رئيس الحكومة البريطانيّة نفسه في الدوّامة، علماً بأن صحف مردوخ هي التي أتت به إلى الحكم. لكن طوني بلير وغوردن براون أيضاً من حاشية «صانع الملوك» كما ذكّرتنا الصحافة أخيراً.
ترنّح إمبراطوريّة مردوخ، الإسرائيلي الهوى الذي برّر لحرب العراق، صرخة إنذار مدويّة في بريطانيا، أمّ الديموقراطيّات الغربيّة.