أمس، صدرت فتوى عن دائرة الإفتاء الأردنية تحرّم تجسيد صور الأنبياء والصحابة تلفزيونياً. وقد أعادت هذه الفتوى الإضاءة على وضع الدراما الأردنية وإن بعيداً عن المسلسلات الدينية، إذ يجمع كل العاملين في هذا المجال على أن القطاع الدرامي في عمّان يعاني مشاكل حقيقية تبدأ بالإنتاج ولا تنتهي بسوء الإدارة والتنظيم، أقلّه هذا ما يعلنه النجوم الأردنيون الذين يشتكون «إهمال الحكومة وتجاهلها»، ويتهم آخرون شركات الإنتاج الأردنيّة بعدم الاستفادة من تراجع الإنتاجَين المصري والسوري هذا الموسم، وتقديم مسلسلات جيّدة تُسوّق عربيّاً. وبلغ تشاؤم المخرج عروة زريقات حدّ القول إن الدراما الأردنيّة تعاني موتاً سريرياً، مطالباً بضرورة «تأمين حياة كريمة للفنان ودعم المسلسلات الأردنية التي أُلغيت عن الخريطة الدرامية العربية... والأمر مستحيل من دون تدخّل الحكومة». ويوضح نقيب الفنانين حسين الخطيب أن «النقابة لم تترك وسيلة للنهوض بهذا القطاع ومنها وضع فكرة لصندوق الدراما والتلفزيون الأردني، لكن المشروع لم يلق آذاناً صاغية».
وفي انتظار وضع خطة شاملة، تعيد الدراما الاجتماعيّة الأردنية إلى الخريطة الرمضانية، يخرج العاملون في هذا القطاع بخلاصة واحدة: أنّ حالة الركود الفني التي تخيّم على الساحة المحلية منذ أعوام، ازدادت هذا الموسم. ويبدو أن الحضور الأقوى لنجوم الأردن سيتركز كالعادة في الدراما البدويّة ومنها «بيارق العربا» («أبو ظبي الأولى»)، و«توق» («روتانا خليجيّة») و«وادي الغجر». كذلك يطلّ بعضهم في الكوميديا الاجتماعية «وين ما طقها عوجة» الذي ستعرضه «lbc الفضائيّة» في رمضان.
واللافت تراجع أسهم «المركز العربي للإنتاج الإعلامي» (طلال عواملة)، بعدما كانت متقدمة في السنوات الماضية، خصوصاً إثر فوز مسلسل «الاجتياح» بجائزة «إيمي» العالميّة. ويصف عواملة التلفزيون الأردني بأنه «أكبر محارب للدراما المحليّة». وتواصل «المؤسسة العربية للإنتاج الفني» (ألبير حداد) تقديم إنتاجات مقبولة، وتتجه أكثر إلى الدراما البدويّة. ويبشر دخول المخرج إياد الخزوز ساحة الإنتاج أخيراً بخطوة إلى الأمام، لن تكتمل بجهد فردي، خصوصاً أنه لجأ إلى الأعمال البدوية أيضاً. ثم يأتي رهان عصام حجاوي منتج «وين ما تطقها عوجة» على مسلسله الذي يتوقع بطله محمد العبادي أن يكون «نواة لإنتاج دراما أردنية اجتماعية معاصرة»، موضحاً أن الأعمال المحلية تركّز على اللونين البدوي والتاريخي، ومتوقعاً أن يعيد المسلسل الجديد الدراما الأردنية إلى الساحة العربيّة. وهو من الأعمال التي اختارتها «lbc الفضائية» لعرضها في الموسم الدرامي. وتدور أحداث العمل (إخراج مازن عجاوي، وكتابة نور عوض الدعجة) حول عائلة حامد أبو حرب، وهي من الطبقة المتوسطة. ولا تغيب الأجواء الكوميدية عن العمل الذي تتوزع بطولته بين صبا مبارك، وإياد نصار، وياسر المصري، وعبير عيسى، ومحمد العبادي، ومنذر رياحنة، ونادرة عمران من الأردن، وسلمى المصري، وخالد تاجا، وعبد الهادي الصباغ من سوريا.
وأعلنت مؤسّسة «أبوظبي للإعلام» عن عرض «بيارق العربا» على قناتي «أبو ظبي الأولى» و«أبو ظبي الإمارات». وهو عمل أنتج بميزانية ضخمة، واستعان مخرجه إياد الخزوز بفريق تصوير عالمي نفذ أفلاماً بارزة منها «المهمة المستحيلة» لتوم كروز. وتدور أحداثه في الصحراء، فيصوّر الصراع القبلي، بين قبيلة الجهاذم وزعيمها طالوم الثري، وقبيلة البيارق وشيخها، الذي يخوض المعارك دفاعاً عن أرض عشيرته التي احتلها عنوة شيخ عشيرة الجهاذم. وهو من بطولة ياسر المصري، ومنذر رياحنة، وعبير عيسى، وريم بشناق، وشايش النعيمي وغيرهم، أما السيناريو فكتبه رعد الشلال وإخراج إياد الخزوز.
ويبقى «توق» للمخرج شوقي الماجري، وهو مقتبس عن رواية للأمير بدر بن عبد المحسن أعدها للتلفزيون السيناريست السوري عدنان العودة، فيروي حكاية بدوية، فيها الجن والخرافات والأساطير التي تدور أحداثها المتخيلة خلال القرن الثامن عشر في بادية الجزيرة العربية. وهو من بطولة الممثل السعودي عبد المحسن النمر، ومن سوريا غسان مسعود وقصي خولي وسلافة معمار، ومن مصر محمود قابيل، ومن الأردن نادرة عمران ومنذر رياحنة، ومن لبنان كريستين شويري.
باختصار، يمكن القول إن وضع الدراما الأردنية يشبه الدراما اللبنانيّة، لكن الممثل اللبناني يرى أن مشاركته في المسلسل المحلي مسألة ضروريّة، ولا يستغني عنها حتى لو كان حاضراً بقوة على الساحة العربية. لكن ما الذي سيغري نجوم الأردن الذين شقوا طريق النجوميّة في الدراما العربيّة، أن يعودوا مجدداً إلى أعمال المحليّة التي لا يجد أغلبها صدىً طيّباً؟



«أمل» الربيع العربي

يخوض «المركز العربي للإنتاج الإعلامي» (طلال عواملة) سباق رمضان بمسلسل «وادي الغجر»، المقتبس عن رواية «مخلفات الزوابع الأخيرة» للكاتب جمال ناجي. أما الرهان الأهم فسيكون على «أمل» الذي ينتجه المركز مع «هيئة الإذاعة البريطانية ــ BBC». ويطرح قصة رجل أردني متزوّج من عراقيّة، ويعمل هذا الثنائي في الكويت أثناء غزو صدام حسين. لكن هذه الأحداث تجبرهما على العودة إلى الأردن، حيث يعثران على طفلة صغيرة تدعى أمل، يدّعيان أنها ابنتهما. ومن هنا تنطلق الأحداث، وتمر السنوات حتى نصل إلى اليوم التي تواكب فيه أمل ثورة الاتصالات في الألفية الثالثة وبداية الثورات الشعبية بين تونس ومصر.