دمشق | في سياق خطتها التي تهدف إلى إشراك الأطفال في النشاط الثقافي، أنتجت دار الأوبرا السورية المسرحية الغنائية «أوليفر»، التي عرضت أخيراً ضمن أنشطة مهرجان «الشباب والأطفال». لا تبتعد حكاية العرض الذي أعدّته المخرجة البريطانية جين غريفث، عن رواية «أوليفر تويست» التي كتبها البريطاني ديكنز عام 1838، وتدور أحداثها في عالم دور الأيتام والجريمة وقطّاع الطرق في بريطانيا، لكنّ الرواية خضعت للكثير من التعديلات كي تتلاءم مع طبيعة العرض الموسيقية والغنائية الراقصة.
الموسيقي البريطاني ستيف غريفث الذي كتب موسيقى العرض، عمل بدوره على إجراء بروفات استمرت حوالى شهر ونصف شهر، مع فرقة مصغرة من الأوركسترا السيمفونية الوطنية السورية... كما سرت عليه العادة في مجمل العروض الـ 60 التي قدم فيها العرض حول العالم. عن ذلك، قال غريفث لـ «الأخبار»: «يهدف مشروعنا على نحو أساسي، إلى تبادل الخبرات الموسيقية والمسرحية، في كل بلد قدمنا فيه تجربتنا، وفي كل مرة نكتسب فيها معارف وتقنيات جديدة، كما نحاول دائماً تقديم خبراتنا وتقنياتنا التي اكتسبناها في هذا النوع من العروض المسرحية النادرة نوعاً ما في العالم العربي».
وبما أن العمل يدور في عالم دور الأيتام، عملت المخرجة بالتعاون مع مديرة دار الأوبرا ماريا أرناؤوط ووزارة الشؤون الاجتماعية وبعض الجمعيات الخيرية، على إشراك عدد من الأيتام في العرض. خضع أكثر من 50 طفلاً وطفلة جاؤوا من دور أيتام مختلفة من دمشق، لدورة تدريبية استمرت أياماً، اختير في نهايتها 12 طفلاً للمشاركة بأدوار ثانوية، بعدما أثبتوا قدرات ومواهب تمثيلية وغنائية. ويضيف ستيف غريفث «استطاع الأيتام خلال فترة التدريب القصيرة جداً، إثبات حضورهم ومواهبهم التمثيلية والغنائية».
وقد شارك في العمل عدد كبير من مغنّي الأوبرا السوريين المحترفين، مثل رشا رزق، وإياد دويعر، مع طلاب قسم الغناء في المعهد العالي للموسيقى في دمشق، وبعض طلبة قسم التمثيل في معهد الفنون المسرحية، وأطفال جوقة «فرح». العرض قُدم باللغة الإنكليزية مع ترجمة فورية. وتطمح مديرة دار الأوبرا السورية ماريا أرناؤوط إلى أن لا يتوقف مشروع تفعيل دور الأيتام عند حدود العرض، بعدما أثبتت التجربة نتائج إيجابية ملموسة. تقول أرناؤوط لـ «الأخبار» :«أحاول الآن تحويل مشروع أوليفر إلى خطة تنموية اجتماعية، تهدف على نحو أساسي إلى توريط وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا، بالتعاون مع عدد كبير من دور الأيتام، من أجل التعاون الدائم والمستمر، في تقديم فرصة مشابهة للأطفال الأيتام، حتى يثبتوا حضورهم ومواهبهم التي يحتاج إليها المجتمع والحركة الثقافية في سوريا».