نسائم الربيع العربي هبت بقوة هذا العام على «أفينيون». إلى جانب مسرحية «يحيى يعيش» التي عُرضت ضمن برنامج المهرجان الرسمي، بادرت جمعية «تمام ـــــ مسرح فنون العالم العربي والمتوسط» إلى تخصيص تظاهرة لثورات الشباب العربي، ضمن مواعيد الـOff، أي العروض التي تستضيفها مسارح أفينيون على هامش التظاهرة الرسميّة. هكذا، يحتضن سور مدينة البابوات العتيق أكثر من ألف عرض مسرحي حتى 30 الجاري.
وخارج أسوار المدينة التاريخيّة، اختارت ألين جميّل، رئيسة جمعية «تمام»، فضاءً لعرض أربع مسرحيات عربية، تحمل تواقيع مخرجين شباب من مصر، وتونس، ولبنان، وسوريا، تحت عنوان «الربيع العربي يعيش مهرجانه». البداية كانت مع العرض التونسي «مسرح قصير من أجل الثورة». أربع مداخلات قصيرة بين رقص وأداء وتجهيز، وقعتهاكت عليا سلامي، وهيفاء بوعطور، وعبد المنعم شويط، وحاتم القروي. من مصر، حملت نورا أمين عرضها «احتمالات الثورة» في نص يشرح التحرك الشعبي الضخم، وأهدافه المتشعبة بتشعب أطيافه، وأسئلة الراهن بعد إسقاط النظام. من جهتها، قدمت المسرحية اللبنانية الشابة مايا زبيب عرضها «علبة الموسيقى»، مستلهمة الكثير من لغة الشعر والقصص. تتقمص زبيب شخصيات نساء داخل المنزل، في عرض يحمل رغبة جارفة في الانعتاق من سلطات قمعية كثيرة، قد لا تكون سياسية بالضرورة. ختام تظاهرة «الربيع العربي يعيش مهرجانه»، سيكون بنكهة خاصة، مع عرض «الثورة غداً تؤجل إلى البارحة» للتوأم السوري محمد وأحمد ملص (الصورة). كان الأخوان من بين المثقفين السوريين الذين اعتقلوا أخيراً. وفي السجن، قدّما مسرحيتهما التي عرضت أخيراً في «دوار الشمس» البيروتي. المسرحيّة من بطولة متظاهر ورجل أمن، وتحمل إلى أفينيون نفساً خاصاً من الانتفاضة السوريّة الراهنة، ابتداءً من اليوم وحتى 26 الجاري. سوء الفهم بين المتظاهر والشرطي سيبدو في السياق الأفينيوني أكثر عبثية وهزلية. بعد سنة ونصف السنة من التحضير، كسبت ألين جميّل معركتها الصغيرة: جلب المسرحيين العرب الشباب إلى «أفينيون». حين أسست جمعية «تمام» العام الماضي، بهدف تشجيع هؤلاء الشباب على المشاركة في المهرجان، لم تكن تعرف أن رياح الثورة ستنفخ روحاً قويّة في مبادرتها الفرديّة. «هذه ليست إلا البداية، في انتظار عروض العام المقبل» تقول جميّل. خبر سار إذاً: أصبح للمسرح العربي الشاب موطئ قدم في «أفينيون»!

لقد تم تعديل النص عن نسخته الأصلية بتاريخ 21 تموز 2011 | 3:54 PM