يبدو أن «تلفزيون لبنان» لن يقترح برنامجاً رمضانياً يومياً هذا العام، كما درجت العادة في السنوات الأخيرة. هذا على الأقلّ ما أعلنه بأسف شديد الاعلامي عبد الغني طليس في حديث إلى «الأخبار»، أكّد طليس أنّ حضوره هذا الموسم سيقتصر على برنامجه الأسبوعي «مسا النور»، بعدما كانت الادارة أوكلت إليه مهمة الاعداد لنسخة يوميّة منه في الموسم الرمضاني. أما السبب، فهو على ما يبدو أن السياسة الجديدة لوزارة الاعلام هي «تجميد كل الانتاجات الجديدة» في انتظار «مشروع التطوير الخاص بالتلفزيون». وقد تبلّغت الادارة، حسب طليس، بقرار وقف تنفيذ أيّة برامج جديدة، ريثما يباشر بـ «خطة شاملة لنفض المحطة الرسمية، بدءاً من مجلس الإدارة وصولاً إلى البرامج».
وعبّر طليس عن تفاجئه بهذا القرار الذي تذرّعت به الإدارة للتراجع عن فكرة الحلّة الرمضانيّة اليوميّة لبرنامجه «مسا النور»، أسوة بالسنوات الماضية. وأكّد أن إدارة التلفزيون كانت وعدته بتغيير الديكور ليتناسب مع متطلبات الحلّة الرمضانيّة... وبناءً على هذا الاتفاق، سجّل الإعلامي اللبناني سلفاً ثلاث حلقات لبثّها في الأسابيع الثلاثة التي تفصلنا عن رمضان، إفساحاً في المجال أمام المهندسين لتغيير ديكور الاستوديو. لكن القرار المفاجئ ضرب عرض الحائط بتحضيراته، فوجد نفسه مجبراً على استئناف الوتيرة الاسبوعيّة لـ «مسا النور» وهي لا تتناسب مع الطقوس التلفزيونية لشهر الصوم: «البرامج الأسبوعية لا مكان لها على الشاشة وبين الجمهور في رمضان»، يقول طليس. ويضيف: «أتفهّم رغبة الوزير وليد الداعوق في وقف أي إنتاج جديد في انتظار مشروع التطوير، لكن برنامجي ليس إنتاجاً جديداً، بل قُدّم في السنوات السابقة، كما انه مدرج في البرمجة المعلنة لـ «تلفزيون لبنان»». ويستغل الاعلامي والشاعر اللبناني فرصة الحديث مع «الأخبار» ليناشد الوزير الداعوق، ويلفت نظره إلى خصوصية برنامجه الذي «ينافس كلّ عام البرامج الحوارية اللبنانية في شهر الصوم. فضلاً عن أنّه البرنامج الرمضاني شبه الوحيد على تلفزيون لبنان».
الجانب الايجابي من القضيّة التي أثارها طليس في الاعلام يوم أمس، هي أن وزير الاعلام الجديد يعتزم «نفض» التلفزيون، وهو الامر الذي ينتظره الجمهور منذ سنوات طويلة. هل ينبغي التذكير بأن التلفزيون الوطني ملك جميع المواطنين، ومن شأنه أن يكون رائداً وطليعياً ونموذجاً للمشروع الاعلامي الراقي الذي يحظى بنسبة مشاهدة عالية، من دون تنازلات تجارية وسياسية وتسويقية. ولا يخفى على أحد أن التلفزيون الرسمي يرزح من سنوات تحت عبء أزمة هويّة جعلته يتراجع ويفقد دوره الحقيقي، لتكتفي شاشته ببث البيانات الرسمية، وتعيد عرض المسلسلات والبرامج القديمة... لذلك تنظر شريحة واسعة من المشاهدين بعين الرضى إلى مشروع إعادة هيكلة مجلس الإدارة، وإعادة النظر بدور الموظفين وفاعليتهم وانتاجيّتهم. هل ينجح الوزير الجديد في المباشرة باحياء تلفزيون لبنان وتحديثه، وتطهيره من آفات البيروقراطية والمحسوبيات، و«وضع حدّ نهائي للتسيّب في التلفزيون» كما أعلن بنفسه؟ وكان التصريح المشار اليه أدّى إلى توترات بينه وبين مجلس الإدارة، ونشر الذعر بين الموظّفين. لم تنجح «الأخبار» في الوصول إلى الوزير الداعوق يوم أمس، لسؤاله عن تلك الورشة الاصلاحية وعن توقيتها. وعن سياسة البرمجة الرمضانية التي لا بدّ منها، لئلا يخرج «تلفزيون لبنان» تماماً من دائرة السباق الذي يفرضه الموسم.