دمشق | رغم كل ما واجهته الدراما السورية في الإعداد للموسم الرمضاني، وما يقال عن الصعوبة في تسويق المسلسلات، تبدو الصناعة المحلية الأكثر رواجاً بخير. ولعلّ ما يؤكّد ذلك هو الشراكة بين كتاب ومخرجين سبق أن حققوا نجاحات كبيرة معاً. مثلاً سنشاهد في الموسم الجديد مسلسل «السراب» للكاتبين حسن سامي يوسف ونجيب نصير والمخرج مروان بركات. كذلك، يحضر ممدوح حمادة مع الليث حجو في «خربة»، وسامر رضوان مع رشا شربتجي في «الولادة من الخاصرة».
إلى جانب هذه الأعمال، تتعاون الكاتبة السورية أمل حنا مع المخرج الشاب المثنى صبح في «جلسات نسائية»، بعد نجاحهما في مسلسل «على حافة الهاوية» (2007). هكذا، يعود المخرج السوري ليبحر في القضايا الاجتماعية القريبة من واقع الشارع، فنتابع قصص مجموعة من النساء، هن بطلات العمل أي يارا صبري، ونسرين طافش، وناظلي الرواس، وأمل بوشوشة، إضافة إلى باسم ياخور، وسامر المصري، والممثل اللبناني رفيق علي أحمد... ومن خلال قصص أولئك النساء، نتعرّف إلى علاقة الأنثى بالرجل الحاضر بقوة في المسلسل من خلال محاولته دخول عالم المرأة وحياتها العاطفية والاجتماعية. كذلك يحاول السيناريو تفسير بعض أسباب الفشل والنجاح في بناء العلاقة بين المرأة والرجل، والغوص في التناقضات التي تواجه كل العلاقات العاطفية.
وكان صبح قد أنهى عمليات التصوير بعدما جالت كاميرته بين دمشق وبيروت ودبي، وشارف على الانتهاء من عمليات المونتاج. والآن بات على «شركة سوريا الدولية» منتجة العمل، تسويقه إلى عدد من المحطات العربية في الأيام الفاصلة عن شهر رمضان. وفي انتظار اتضاح هوية القنوات، من المؤكّد أن المسلسل سيعرض على محطة «الدنيا» التي يملكها صاحب الشركة المنتجة محمد حمشو.
في حديثه مع «الأخبار»، يقول المثنى صبح إن طريقة معالجة مواضيع المسلسل ومشاكل أبطاله ستكون جديدة. ويضيف: «هناك وجوه جديدة يقدمها المسلسل، وهو ما اعتدت أن أفعله منذ بداياتي، من خلال التعامل مع المتخرجين الجدد». من جهتها، تقول يارا صبري: «العمل يطرح حالات مختلفة مستوحاة من واقع المرأة السورية... تجتمع ثلاث أخوات في بيت واحد: الأولى متزوجة، والثانية أرملة، والثالثة عزباء، وهو ما يعدّ نظرة شاملة إلى المجتمع النسائي السوري»، فيما ترى نسرين طافش التي تجسد دور امرأة تتزوج في سن مبكرة أن «الشخصية جديدة عليّ من حيث تركيبتها النفسية، لكنني أحببت الدور وتعاطفت مع الشخصية...».
من جهته، يؤدي سامر المصري شخصية رجل أعمال في بداية حياته العملية «رجل يحاول تحقيق النجاح لإثبات ذاته، بعد تعرضه لطعنة من حبيبته التي تخلت عنه واختارت الزواج بآخر لأنه غني... وعندما ينجح في عالم الأعمال، يكتشف أن الوقت مر ولم يتزوّج، فتختار له والدته عروساً فيتزوجان من دون أي لقاء مسبق، وتبدأ المشاكل بينهما...».
من جانب آخر، يمثّل المسلسل فرصة لعودة الممثلة ناظلي الرواس، متخرجة «المعهد العالي للفنون المسرحية» التي ابتعدت عن التمثيل لسنوات طويلة. تقول الرواس إنها اختارت الابتعاد عن الشاشة لرغبتها بتكوين عائلة، لكنها وجدت في «جلسات نسائية» فرصة للعودة إلى عالم الأضواء. وتجسد دور الأخت الصغرى التي تبحث باستمرار عن نصفها الآخر بنحو غير تقليدي. لكنها في النهاية تتزوج رجلاً على الطريقة التقليدية وتسافر. أما نجمة «ستار أكاديمي» أمل بوشوشة، فتظهر في دورها الثاني بعد النجاح الذي حققته مع المخرج نجدت أنزور في مسلسل «ذاكرة الجسد» خلال شهر رمضان الماضي. وتجسّد هنا دور فتاة قوية تعيش حريتها بالطريقة التي تراها مناسبة.
إذاً بعيداً عن غبار المعارك، وصهيل الخيول، ومناظر الدم التي قدّمها المثنى صبح في المسلسل التاريخي «القعقاع» في الموسم الماضي، يختار هذه المرة النوع الدرامي الذي برع فيه سابقاً. والرهان هذه المرة سيكون على سلاسة الأحداث الاجتماعية التي تلعب على وتر العاطفة والحاجات الإنسانية. وقد توقع صبح أن يسهم المسلسل في ملء الفراغ الإنساني الذي يزيد شيئاً فشيئاً في الدراما التلفزيونية، خصوصاً أن المواطن السوري والعربي يقضي أيامه مُسمَّراً أمام التلفزيون لمشاهدة نشرات الأخبار، وبالتالي بات يبحث عن متنفّس يخرجه من دائرة التوتّرات التي تشهدها المنطقة... ولعلّ المتنفّس الوحيد في شهر رمضان سيكون الدراما التلفزيونية، خصوصاً المسلسلات الاجتماعية ــ الإنسانية، وأبرزها طبعاً... «جلسات نسائية».



الأيام الصعبة مقبلة؟

بعدما اقترح المثنى صبح على أكثر من كاتب فكرة مسلسل يتناول المهن الدمشقية القديمة المهددة بالزوال، اتفق أخيراً مع الكاتب عثمان جحا على إنجاز هذا العمل. ويفرد هذا الأخير جزءاً كبيراً من أحداثه للحديث عن مهنة الموزاييك الدمشقي التي بدأت تزول من الأسواق الدمشقية بعد دخول الصناعة التركية. وما إن ينتهي جحا من كتابته، سيكون صبح جاهزاً لإخراجه خصوصاً أن الكاتب والمخرج قد عاشا في بيئة واحدة وتعرفا إلى تفاصيل هذه المهنة عن قرب... من جهة أخرى، يؤكد صبح أن هناك أياماً صعبة تنتظر الدراما السورية في حال استمرار الأوضاع السياسية والأمنية على ما هي عليه.