أول من أمس، كان واضحاً أن محاولة الدخول إلى موقع «الأخبار» في السعودية، مهمة شبه مستحيلة، أقلّه بالنسبة إلى قسم كبير من سكان المملكة. وأمس تأكد الخبر: حجبت السلطات السعودية موقع الصحيفة على شبكة الإنترنت، لينضمّ الويبسايت إلى قائمة المواقع غير المرغوب فيها في البلد الخليجي.
«الخبر غير صحيح، لم نحجب الموقع... نحن لا نحجب المواقع، ربما هناك خطأ تقني» بهذه العبارة البسيطة (والمرتبكة) أجابنا وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة (سفير المملكة السابق في لبنان)، عندما سألناه عن أسباب الحجب. لكن سياسة ذرّ الرماد في العيون، لا تنفي الواقع الواضح الذي تأكدنا منه من أكثر من مصدر سعودي.
ورغم إصرار الوزير السعودي على أن المملكة لا تلجأ إلى خطوات قمعية على شبكة الإنترنت، فإن بلاده من أكثر عشر دول معادية للشبكة العنكبوتية وفق تقرير أصدرته منظمة «مراسلون بلا حدود». وقد صنّف النظام السعودي في خانة «صيّادي الحريات الإلكترونية» بسبب التضييق الكبير الذي يتعرّض له المدوّنون هناك. طبعاً تطول لائحة المواقع المحجوبة، منها الدينية والسياسية وحتى الفنية، وكانت أبرز المواقع الممنوعة أخيراً هي تلك المتعاطفة مع الثورتَين التونسية والمصرية التي دعت إلى الإصلاح في المملكة مثل www.dawlaty.info و www.saudireform.com. وكما هي الحال في أغلب الدول العربية، تبرع السعودية في ترهيب مدونيها من خلال تهديدهم أو... إرسالهم إلى سجونها بتهمة المطالبة مثلاً بإصلاحات سياسية معينة.
وما زاد الطين بلة كان إقرار قانون جديد للإنترنت مطلع العام الجاري يتيح للسلطة التدخّل أكثر فأكثر في عمل المدونين، من خلال طلب ترخيص مسبق لإنشاء موقع أو مدونة. وهي الرخصة التي يجب تجديدها كل ثلاث سنوات.
إذاً، انضمّت صحيفة «الأخبار» إلى قائمة المواقع «المغضوب عليها» من السلطات السعودية. لكن ما لم تعلمه هذه الأخيرة أن سياسة الحجب هذه لم تعد كافية لمنع الوصول إلى الموقع. إذ يمكن متصفحي الصحيفة في المملكة الدخول إلى موقع بروكسي (وحدة الخدمة النائبة) من خلال «غوغل»، ومن خلاله اختيار أي «بروكسي سيرفر» متوافر. وهو ما يسمح بالدخول بسهولة إلى موقع «الأخبار». مثلاً يدخل المتصفح إلى موقع proxy.org، وهناك يجد آلاف الـ proxy servers، فيختار منها واحداً، ومنه يدخل إلى www.al-akhbar.com.
ورغم ذلك، فإن علامات استفهام كثيرة ترتسم في هذه القضية: لماذا حجب الموقع الآن؟ ما هي الأسباب؟ وهل الحجب نهائي أم هو مجرد إنذار أو تهديد؟ الجواب عن هذه الأسئلة يبدو مستحيلاً، في ظل تكتّم السلطات في المملكة على هذا الموضوع. لكن مصادر سعودية تتحدّث عن «انزعاج مستمرّ لدى النظام والمقربين منه مما تنشره الصحيفة... كما أن الخط السياسي لـ«الأخبار» يستفز السلطة هنا». لكن انزعاج النظام السعودي من الخط السياسي لـ«الأخبار» ليس جديداً، فلماذا الحجب الآن، خصوصاً أن الصحيفة نشرت في وقت سابق مقالات نقدية عن سياسة المملكة ودورها في لبنان، والمنطقة. كما أن وثائق «ويكيليكس» المنشورة قبل أشهر تطرّقت إلى العائلة المالكة، وإلى المواقف السياسية للسعودية.
وإن كان البعض يرى أنّ الموضوع مرتبط بتغطية الصحيفة للحراك الشعبي في البحرين، والإضاءة على الدور الذي لعبته السعودية في قمع هذه الاحتجاجات، فإن البعض الآخر يقول إن هذه التغطية لم تكن سوى «الشعرة التي قصمت ظهر البعير» بالنسبة إلى السلطات هناك... «فشعارات الحرية والتنوع والتعددية لا تزال مجرّد أهازيج بعيدة عن الواقع» يقول المصدر السعودي.
والمعروف أن نسبة قراء الصحيفة من المملكة مرتفعة نسبياً، إذ يشكّل سكان السعودية نحو 8 أو 9 في المئة من مجمل قراء الصحيفة على الإنترنت. وبالتالي، تتنافس هذه الدولة مع الولايات المتحدة على المركز الثاني بعد لبنان من حيث عدد القراء على الشبكة. كذلك بعض المقالات التي نشرتها «الأخبار» عن السعودية كانت من أكثر المواضيع قراءة منذ إطلاق الصحيفة، مثل مقالة «خلافات آل سعود تضعف الرياض وتقلق واشنطن... معركة الخلافة ترجح الجيل الثاني» (راجع «الأخبار» عدد 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2010).
إشارة إلى أن «الأخبار» حاولت الإتصال بوزير الإعلام اللبناني وليد الداعوق للتعليق على الموضوع ولكنه كان مشغولاً بسبب جلسات مجلس النواب.



أصدر مركز «سكايز» بياناً استنكر فيه حجب موقع «الأخبار» في السعودية، معتبراً ذلك عملاً منافياً لحرية التعبير.