بعد حوالى شهر على افتتاحها، تبدو الأمور على ما يرام في «جمهورية الموسيقى الديموقراطية». الصالة المستحدثة في الحمرا، والتابعة إدارياً لشركة «فوروارد ميوزك»، باتت حديث روّاد الفن والثقافة في منطقة رأس بيروت. أما وتيرة الحفلات ونوعيّتها، كما تنوّعها الفّني، فتجعل «الجمهورية» منافساً قوياً للفضاء الشبيه بها، أي «ميوزكهول».
على مدى شهر، قدّمت «جمهورية الموسيقى الديموقراطية» مجموعة فنانين محليّين وأجانب، أُعلِنَت حفلاتهم قبَيْل الافتتاح، لكنّ البرمجة مستمرة، والموعد الجديد مع سعاد ماسي، التي تحيي أمسيتيْن، مساء اليوم وغداً. حالما علم محبو الفنانة الجزائرية بقدومها (مجدّداً) إلى بيروت، أعدّوا العدّة لملاقاتها، لكن مع بعض التردّد نتيجة الأسعار المرتفعة في «الجمهورية». ليست هذه المرة الأولى التي تقف فيها سعاد ماسي (1972) على الخشبة في بيروت. لقد سبق أن زارتنا مرتيْن والتقت جمهورها في قاعة «بيار أبو خاطر» مرّة، وفي «ميوزكهول» أيضاً. أما حفلتها في الـ DRM، فتأتي ضمن الجولة الخاصة بألبومها الأخير Ô Houria (2010).
لم يكن الجمهور العربي والغربي يعرف سعاد ماسي قبل عام 2002، إذ إنّ مسيرتها بدأت بنشاط محدود في بلدها الجزائر، حيث ولدت في كنف عائلة بسيطة الحال. في تلك السنة، أصدرت ماسي أول ألبوم لها بعنوان «راوي»، الذي يرى بعضهم أنّه الأول والأخير، إذ لم تضاهه أعمالها اللاحقة قيمةً، فيما رافق البعض الآخر بالشغف ذاته أعمال الفنّانة على مدى عقد من الزمن.
تغني سعاد ماسي بالعربية والأمازيغية والفرنسية، أو بمزيج منها، وأحياناً بالإنكليزية. تعزف الغيتار، وتكتب وتلحن معظم أعمالها، وتميل في الدرجة الأولى إلى الفولك والكاونتري والشعبي المغاربي، ثم إلى الأفريقي والإسباني والبوب الفرنسي. صوتها فيه مسحة حزن، خفيف الظل، رقيق، مميّز، لكنه غير استثنائي. بمعنى آخر، إنه صوت مناسب جداً وعلى نحو أكثر من كافٍ لهذا اللون الغنائي، لكنه قد لا يرتقي إلى متطلبات الغناء الصعب مثل الجاز أو الطرب الشرقي.
نجد في ألبوماتها بعض التكرار، لكن المستمع سيقع أيضاً على محطات تبلسم الآذان وسط ضجيج العالم بشقيْه الفني والاجتماعي. منذ بدايتها، احتضنتها بعض الرموز الفنية (الفرنسية خصوصاً) من خلال المشاركة في تسجيلاتها. في «راوي»، يؤدي معها نجم البوب مارك لافوان أغنيته الشهيرة «باريس»، ويشاركها الفنان السنغالي الشهير، إسماعيل لو، في أغنية للفنان الفرنسي المخضرم برنار لافيلييه. وفي جديدها، نسمع فرنسيس كابريل مغنياً بالعربية (!) في أداء ثنائي معها.
في عام 2006، أصدرت سعاد ماسي ألبوم «مسك الليل»، وفيه تؤدي أغنية مع الكوميدي المغربي/ الفرنسي، جاد المليح، الموهوب فوق العادة، لكن غير المرغوب فيه في لبنان (بسبب تورّطه في حملات ترويج صهيونيّة). وفي عام 2007، وقّعت ماسي عقداً للغناء في تل أبيب، غير أنها «ألغت هذا الموعد في اللحظة الأخيرة إثر اعتراض جمهورها العربي على هذه الخطوة» وفق ما صرّح به أحد المنتجين الإسرائيليين للحفلة في حديث لصحيفة «هآرتس» آنذاك. نسجّل للفنانة الجزائرية هذا القرار الشجاع الذي له كلفته التجاريّة في أوروبا، ونتمنّى أن تأتي هذه المواقف مستقبلاً من الفنانة، ومن أقرانها المعرّضين لأشكال الابتزاز والضغوط، لا بضغط من الرأي العام...

أمسية مع سعاد ماسي: 10:00 من مساء اليوم وغداً ـــــ DRM «جمهورية الموسيقى الديموقراطية» (بيروت). للاستعلام: 01/752202



البداية مع رندا الشهال

سلكت أعمال الفنانة الجزائرية سعاد ماسي طريقها إلى السينما من خلال مشاركة أغنياتها في بعض الأفلام، مثل في mauvaise foi للممثل والمخرج المغربي الفرنسي رشدي زم، لكن أول «استضافة» لصوتها على الشاشة، كانت مع المخرجة اللبنانية الراحلة رندا الشهال، التي أدرجت أغنية «راوي» في فيلمها الأخير «طيارة من ورق» (2002). وقد أسهم ذلك في نشر اسم ماسي في لبنان، إذ لم يكن قد مضى وقت طويل على صدور باكورتها. مع الإشارة إلى أن الموسيقى الأصلية للفيلم المذكور وضعها زياد الرحباني، وقد حاز عنها «جائزة أوسير (Auxerre) الدولية» التقديرية المتخصّصة في الموسيقى والأفلام.
لقد تم تعديل المقال عن نسخته الورقية في الثلاثاء 7 تموز 2011