حين بكى الطفل وأراد أن تقطف له أمه القمر... أتت بدلو الماء وصوّبتْه إلى السماء، مدّ الطفل يده إلى الماء فانكسر القمر... ضحك الطفل ثم نام. صحيح أن الولد ضحك، ثمّ نام. أمّا أنا فبقيت ساهراً، ألملم تناثر القمر على وجه ذاكرة تموج كالماء الهارب من الولد، ليغطّي مساحات شاسعةً من الزمن، يصبح ماء الدلو جدولاً، نهراً، بحراً، ضجيجاً، غناءً، رقصاً، سكراً، عرساً، وجعاً، ناراً، تصهر كل ما قسا فيّ وتحجّر، وتعيده نقيّاً مثل قربانة أولى أو قبلة أولى. أصدقائي، علّني أجد معكم اليوم مقعداً للحنين، على وقع تكريم الجامعة الأميركية في بيروت. هل ما زلنا قادرين على الحنين ورؤية المستقبل الغامض. أحبه دائماً غامضاً، وأعود إليكم.
أعود إلى ذاتي، إلى مدينتي، لأركّب ما تفكك في النفْس والزمن، رغبة في التعبير عن فرح غامض، عن سعادة ما وسط هذا الظلام الدامس، علّنا نستطيع أنْ نغير هذا العالم ونستبدل فوضاه بالإيقاع والموسيقى والشعر والحب. لقد قلبتُ المدن صفحة صفحة، ففي الموسيقى أيضاً غربة.
وأعود لألتقي بكم ولأعوِّض عمّا أفتقده هناك في البعيد. مطر أول على بيادر وحقول ضيعتي القريبة من هنا، لأسترجع العطر الطيّب للمطرة الأولى على الأرض العطشى، ولأتذكّر أمجادي الأولى، يوم بنيتُ ممالك على ضفاف السواقي وحملتها الفصول إلى أسفل الأودية. أحسب أنّ هذا التكريم الذي أحظى به منكم تكريم للبنان الوطن، للبنان الإنسان والحرية والثقافة والإبداع والجمال.
أنا، في النهاية، سليل هذه التربة والماء والهواء، وابن هذه المعاني كلها، التي تشرّبتها منذ الطفولة، ونهلْت من ينابيعها وصقلت وجداني. لقد علّمني وطني أن أدافع عنه، ضدّ العدوان وضدّ الفساد والاستغلال وقمع الحريات، وحاولتُ أن أكرّس فنّي لهذه القيم والأهداف. ولم أبرح أسلك هذا السبيل حتى اليوم، على الرغم من أنّ التجذيف الصعب، ضد تيّار اليأس والفساد والقذارة، بات ضرباً من الممتنع، أو يكاد في هذا الزمن المحروس من الأمل. أنا سليل هذه المعاني كلّها، لكنّي اليوم حزين أيّها الأصدقاء. فأنا أراها الآن تتهاوى تحت معاول هدم جماعي، يأتيه من تناقص منسوب لبنان في أنفسهم، أو من أخذتهم مصالح القبيلة والعشيرة والطائفة والعائلة، بعيداً عن الوطن.
وليتها أخذتهم عنه فحسب، كان الأمر هان حينها وصغر، لكنّهم، بكلّ مفردات الأسف، يأخذون الوطن معهم إلى حتفه، كأنّه ليس لهم، كأنّهم ليسوا منه.
كانوا دائماً مختلفين، حتّى عندما يتعرّض الوطن للخطر. وكان يسعهم أن يظلّوا على سجيّتهم، مختلفين إلى ما شاء الله. لكنهم لا يملكون أن يغرّموا شعباً بأكمله، بخلافهم، ولا أن يدقّوا الأسافين بين أبنائه، فيمارسون الضغط على تماسكه الوطنيّ، نيابةً عن غيرهم، حتّى وإن لم يدركوا أنّهم يفعلون ذلك.
أنا غاضب أيّها الأصدقاء، إذ أرى وطناً يتمزّق، وشعباً يستنفر بعضه ضدّ بعض، وساسة يتلهّون بلعبة الانقسام، وقيماً نبيلة تداس، وعذاباً إنسانيّاً يتضاعف، وشقاءً اجتماعيّاً يلد اليأس، ومبادئ تباع وتشترى، وألسنة تؤجّر نفسها للسلطة والمال، وثقافة تذوي، وفنّاً تعبث به يد القذارة، وهواءً يتلوّث، وأفقاً ينسدّ ويدلهمّ.
ليس هذا اللبنان لبناننا، ليس الوطن الذي ضحّى من أجله الشهداء واليتامى والأرامل، ولا الثقافة التي انعقدت لها الإمارة في بلاد العرب أجمعين. إنه شبح مخيف، وكابوس مزعج ينخر الذاكرة ويمسح ما تبطّن فيها.
أنا غاضب أيّها الأصدقاء، فهلّا شاركتموني غضبي، عسى صوت الاحتجاج يرتفع أعلى فأعلى.
ثمّ إنّي أحسبُ هذا التكريم تكريماً للثقافة العربيّة، وأنا من معين هذه الثقافة نهلْتُ، منها وفي رحابها نشأت.
فأنا اللبنانيّ العربيّ لست أسْتطيع أنْ أخْرج منْ أفقي العربيّ، حتّى لو أردْت، فكيفَ إذا لم أردْ.
وأنا لا أريد أيّها الأصدقاء، وإلّا خنتُ رسالتي الفنّية، وبادلْتُ المحبّة والاحتضان بالصدّ والخذلان، وحرمت لبنانيّتي من أن تكتمل مدىً ومعنىً بأفقها العربيّ الرّحْب.
ومنذ بدأت رحلتي الفنّيّة، وكان ذلك قبل ثلث قرن، لم أكن جاهزاً لكي أصطنع الفواصل والمسافات بين لبنانيّتي وعروبتي، وكما أخذت لبنانيّتي من تاريخ هذا البلد ومن ثقافته وشعبه، لا منْ نظام أو مؤسسة، كذلك ما أتتني عروبتي من نظام أو مؤسّسة، وإنّما من تاريخ أمّةٍ وتراث وإنسان وحضارة وثقافة ولغة، نحن منها جميعاً.
لقد حملت معي التزامي بقضايا الأمّة، وقدّمْت مساهمتي في التعبير عن الألم في صناعة مستقبل إنسانيّ مختلف، يليق بنا ويترجم طموحاتنا.
أشعر الآن، وأنا أتابع كلّ وقائع الثّورات الشعبيّة في الوطن العربيّ، أشعر بالمسؤوليّة تطوّقني، لكي أبوح بشعور الغضب تجاه حمّامات الدّم التي تغرق بها أجهزة القمع العربيّة مدننا وقرانا وشوارعنا، ردّاً وحشيّاً على مطالب جماهير شبابنا وكهولنا ونسائنا العادلة والمشروعة، في الحرّيّة والدّيموقراطيّة والغد الأفضل.
لا يمكن أنْ أكون إلّا مع شعبي في كلّ قطر عربيّ. لا أستطيع إلّا أن أكُون في معسكر الحرّيّة والمطالبة بالدّيموقراطيّة ونبذ العنف.
وها إنّ الحزن والغضب يعتصران قلبي، وأحسب أنّهما يعتصران قلوبكم جميعاً، ونحن نعاين هذا القدْر من العدوان الوحشيّ على كرامة الفلسطينيّين وآدميّتهم، وها هو الدّم المسفوك يوحّدنا في هذا الألم، وعسانا نشعر بجمعنا العصيِّ على الانقسام ليدعونا نغضب ونصرخ، ونستنهض الهمم، ونستصرخ الضّمائر الحيّة في وجه هذه الجريمة، ألا وهي احتلال فلسطين وإنشاء الدّولة الصهيونيّة على أرض فلسطين.
لم يبق لنا سوى البوح العميق، لندافع عن أنفسنا، لأنّ القيم الإنسانيّة الكبرى لا تشيخ، فلن تكون الحرّيّة والعدالة والكرامة أشياء بالية، كما يبشّرنا النظام العالميّ الجديد الموغل في القدم. ولن نرضى بأن يحوّلنا إلى جموع خائرة، مستنفدة، ذليلة، تتمرّغ باليأس وتفاهات التلفزيونات الملوّنة والاستهلاك الرخيص والطائفيّة
والتعصّب.
إن حريّتنا الأخيرة هي في أن نتمسك بقناعاتنا، بعد مصادرة كلّ شيْء، بلا استثناء، لنصون شعلة المبادئ، ولنأمل بصباح جديد لربيع لا ييأس، ولنسأل باستمرار عن حصّتنا من الحرّيّة والسلام. لا نريد جواباً، لأنّنا لا نريد مزيداً من العذاب ولا مزيداً من الغربة ولا مزيداً من الشهداء.
* موسيقي لبناني. والكلمة ألقاها في «الجامعة الأميركيّة في بيروت»، في مناسبة تسلّمه الدكتوراه الفخريّة، يوم 25 حزيران (يونيو) الماضي
دكتوراه فخرية
إلى جانب مرسيل خليفة، منحت الجامعة الأميركية في بيروت يوم 25 حزيران (يونيو) الماضي، دكتوراه فخرية لكل من العالم الفيزيائي المصري مصطفى السيد، وعالم الفلك الأميركي أوين غنغريتش، والرئيسة السابقة لجمهورية إيرلندا ماري روبنسون، والصحافي والمراسل الحربي الأميركي من أصل لبناني أنطوني شديد. وسحب اسم الرئيس السابق للبنك الدولي جيمس ولفنسون من اللائحة، بسبب حملة الاعتراض الواسعة عليه لمواقفه وانتماءاته الصهيونيّة
18 تعليق
التعليقات
-
إحكي يا مارسيل إحكي خلي الصوت يوديريتا - لبنان إحكي يامارسيل إحكي خلي الصوت يودي لعلى الضمائر تستيقظ يوما" لعلى القدس تنادينا فترابها ينتظرنا نحن معك كلنا معك قلوبنا غاضبة أيضا" مبروك لك ومبروك لنا فيك فنحن نفتخر بعظمة روحك القدسية وأنا سليلة هذا التراب أيضا" وقلبي سليل القدس الصابرة إحكي وغني كلنا معك لان القدس تسمعك . . . حين بكى الطفل وأراد أن تقطف له أمه القمر... أتت بدلو الماء وصوّبتْه إلى السماء، مدّ الطفل يده إلى الماء فانكسر القمر... ضحك الطفل ثم نام. صحيح أن الولد ضحك، ثمّ نام. أمّا أنا فبقيت ساهراً، ألملم تناثر القمر على وجه ذاكرة تموج كالماء الهارب من الولد، ليغطّي مساحات شاسعةً من الزمن، يصبح ماء الدلو جدولاً، نهراً، بحراً، ضجيجاً، غناءً، رقصاً، سكراً، عرساً، وجعاً، ناراً، تصهر كل ما قسا فيّ وتحجّر، وتعيده نقيّاً مثل قربانة أولى أو قبلة أولى
-
ردا على مجهول تحية لمرساللما قطعنا الحواجز ورحنا نحضر مارسيل كنت صغيرة يومها و بقيت العمر ما انسى هالمشهد .كان مع الفقراء لانه فقير اليوم يملك اكبر ثروة بكل الفنانين العرب من دون ان يعلن ذلك حلل من اين لك هذا اذا ما باع القضية ولا اقصد القضية الفلسطينية اقصد القضية العربية واللبنانية والثورة ضد الظلم ثورة سلاح مش ثورة اقلام مباعة و بالنسبة لربطة العنق والشال عم نحكي عن اللون اللي لبسو بالبيال من سنتين .انا دائما بحضر حفلاتو بس اليوم خلص.
-
مرسيل مبروك انت تستحق كل الحبمرسيل مبروك انت تستحق كل الحب والاحترام, مثلت بمسيرتك الفنية جميع القيم الانسانية التي نحب ونحترم, نحن معك دائما فمن حق الشعوب العيش بحرية و كرامة, و فرحنا للثورات التي حصلت في العالم العربي و لم ندعمه في سورية فما يحصل ليس ثورة و انما عمليات من التخريب بايدي ماجورة و متخلفة و متطرفة و يقودها الجهلة حيث ضاع المثقفين بينهم. نعم نريد اصلاح و حوار و تغيير و سماع رأي اخر ونريد الحرية و العدالة لكن بجهود المتعلمين و المثقفين و الحضاريين و العلمانيين و المرتهنين لسوريا الوطن الخالد فقط. مرسيل نحبك, نحترمك, و نفتخر بك بربطة عنق او كوفية لايهم, المهم الموسيقا الرائعة و الاغاني التي لن تموت
-
لأميركا وجه آخريا سادة لقد تربينا في منزلنا أن نضع شرائط مارسيل خليفة ومارسيل وحده في درج واحد مع شرائط محمود خليل الحصري .. الى هذا الحد. مارسيل خليفة يستحق دكتوراه فخرية من أرفع الجامعات مستوى في لبنان بل في العالم، يجب ألا نغفل أن لأميركا وجه آخر غير وجه الاحتلال والقنابل وهو الوجه الثقافي والعلمي الذي قدم للبشرية جمعاء الكثير الكثير وما زال. سياسيا لا يمكن أن يجتمع نهج مارسيل خليفة مع النهج الأميركي المعروف خصوصا في منطقتنا لكن حتماً ثمة تقاطع حضاري وإنساني لأميركا وللجامعة الأميركية في بيروت مع مارسيل خليفة وما يمثل ، تماما مثل التقاطع الإنساني والحضاري والثقافي لجامعة موسكو مع الطلاب اللبنانيين .
-
الاخ عدنان الامور و صلتالاخ عدنان الامور و صلت لماراتن لوثر كينغ و بعضكم جهز لقطع الرؤوس و سبي النساء و انو ليش القرية الفلانية طلعت و نحنا لا ايام الجامعة كان عشرين بالميه من كليتنا من حوران و كنا تتسائل حتى مع الأخوة من حوران ليش هالنسبة الكبيرة من المتعلمين لما بترجع على قراها في حوران بترجع أسيرة العادات و لم تساهم في رفع سوية المجتمع هناك و مبدأ العائلة الكبيرة بتآكل الصغيرة ، صرت عم تحكي على مارتن لوثر كينغ المشكلة أنتو الحوارنة كنتوا رافعة النظام ( كنتو المخزن السني و المسيحي على حساب باقي السنة في سوريا ) هلق جايين بدكن تسقطوا النظام ، و بدكن اهل الشام و حلب يتبعوكن او اهل السويدا او الجولان
-
الى من قال انه من درعا البلدالى من قال انه من درعا البلد لا يا عيني انت من مساكن صيدا.
-
تحية لمرسال خليفةأنا الحقيقة ما فمت شو بدكم .....مرسال فنان و موسيقي يكرم من أهم مركز علمي في لبنان. مركز خرّج أطباء و علماء و أدباء و ما يزال....إذا كنا مرضى نذهب إلى مستشفى الجامعة الأميركية بس إذا قررت أن تكرم فنان و موسيقى نعير الفنان اللبناني لقبول التكريم الذي هو تكريم كما قال مرسال للثقافة العربية....شو قصتك مع ربطة العنق ؟ بدك نصير خمينيين و نرفض ربطة العنق...مرسال ما يزال يغني للمقاومة للحرية للتغيير . أي جلاد عن تحكي عنو ؟ و متى عنى للجلاد مرسال؟ إقرأ هذا النص كلمة مرسال بتأني أنها ثورة على الصمت على الطائفية على المستغلين على اللذين يغيرون قناعاتهم ..أنه يدعو للتمسك بالقناعات .....يدين القتل و حمامات الدم في الشوراع و المدن العربية ....على ذكر الكفية...ياسر عرفات ضل لابس كفيّة كل حياتو لتغطية الخيانة و جورج حبش كان يضع الكرافت .... و بعدان إذا راح عالبنك شو المشسكلة...مرشال صرلو يغني و يكتب موسيقى 25 سنة و قدم و تبرع بالكثير ..طيب إذا معو شي فرنك شو بدكن منو .
-
مبروك للأستاذ مارسيل ، والله يطول عمره ،الأستاذ مارسيل ، اللي غنى للثورة ، لابد أنه يقف الآن إلى جانب السوريين الرافضين للاستبداد والفساد والتوريث ، وأنا ماعدت ازعل من اللي بيحكو عنا مندسين ، لأنو هالكلمة صارت فخر باعتبارها مواجهة للدبابة وجيش القمع .. وهاد الرد هو على اللي كان كاتب فوق "كذب وتضليل .. على مابعرف شو " ؟؟ !!
-
انا غاضبة ايها الرفيق!!!!!!!!انا غاضبة انك اصبحت نيو ليبرالي ,انك اصبحت من رواد البنوك , انك استبدلت الكوفية بربطة عنق قد تكون زرقاء . البلد بعدو متل ما هوي طائفية وزعران وفساد بس انت نسيت , وبطلت تحن الى خبز امك وصرت تقول مين قال الحالة تعبانة بكل حال كلنا صار معنا جواز سفر ورح نوئف عل حدود. عنجد يا ضيعانو
-
أحبكأحبك
-
مرسيل خليفهقرات كلمات مرسيل فوجدت فيها كثيرا من الرقي الادبي والشعري يوازي فنه لذلك لايسعني الا ان ابارك له وادعواله بطول العمر ليبقى رائدا في هذا العالم وخصوصا العالم العربي ليرفع رأسنا عاليا في عالم الموسيقى .
-
يحق لك أن تغضب، ويحق للجميعيحق لك أن تغضب، ويحق للجميع أن يغضب إن تاريخنا الواحد كعرب عجيب وفريد، مستمر ومتزامن للأسف العرب دخلوا عاصفة هوجاء غير ذات استقرار أو هدف دخلوها بإرادتهم لا غصباً ولا كرها عتبي أن أحداً لم يعلق قبلي على هذه الصفحة فيما صفحات السياسة كلها "تعليكات"
-
كلمة تنمُ عن حساسية مرهفةكلمة تنمُ عن حساسية مرهفة
-
نادين و لكن لم يسمعهن أحدنساء درعا الأبية خرجن الجمعة الماضي بنداء : "مارتن لوثر كينغ نحن ايضا لدينا حلم" , و لكن لم يسمعهن الا القليل ,و منهم هذا الفنان الكبير الذي قد يحوله الاعلام السوري و فرعه اللبناني الى انبطاحي . عضوالكونغرس كوسينيش زار دمشق مؤخرا . الادارة الأميركية اختارت الطرف الذي ستدعمه (وهو بالصدفة نفس اختيار ايران و حزب الله و حتى تركيا) . هومتعب و ممانع بحق , لكن البديل خطير جدا حيث لا يمكنهم أن ينسوا كيف أن الرئيس القوتلي طرد سفيرهم في في 1959 لأنه طلب منه التفاوض مع اسرائيل , و أن الرئيس أتاسي قطع العلاقات في 1967 ( أعادها الرئيس حافظ 1974 لأسباب موضوعية ) . لكن الشعب السوري الفقير هو من سيحدد مصيره و دمه الذي يعتبره الكثيرون رخيصا هو من سيكتب نهاية هذه الرواية .
-
لماذاولماذا قبلتَ إذًا وسامًا من طاغية المغرب يا سيد مارسيل!
-
أبجدالفنان الحقيقي لا يعبر بالكلمات والألحان والقصائد التي تدغدغ الوجدان.. ولا بلوحته أو نحته أو وقفته على خشبة المسرح. الفنان يمثل شعبه بكل ما فيه وكل حركة يقوم به. الفنان كما نفهمه رسول أمته إلى العالم وإليها. والفرق كبير بين فنان قدير يستغل فنه للتكسب فقط وبين من يكسب من فنه ولكن هدفه الأساس أن تصل الرسالة. فرق كبير بين من يغني عن وجع الأمة في حضرة جلادها، وأن يقبل التكريم من الجلاد أو من يمثل نهجه. مارسيل خليفة من أولئك الفنانين الموهوبين الذين قرروا فجأة أنا عليهم أن يستغلوا شهرتهم ليعيشو ترف البرجزة و ينعموا بتصفيق الأيدي الناعمة التي لم تخدش بعمل لا بل ربما لم تلمس خشونة يد عامل... تلك الأيدي هي التي قرر مارسيل أن يقبل منها التكريم والتصفيق لا الأيدي التي غنى لها وعنها، الأيدي التي حملت السلاح وضغطت على الزناد في وجه العدو... لا الأيدي التي اسودت من شك التبغ أو العمل في الحقول، لا الأيدي التي ظاهرها سوده الكدح فيما بقي بطنها نظيفاً شريفاً. إختار أن يقبل التكريم وأن يحيي الحفلات لمن يدفع ويلبس ربطات الاعناق لا من اتشح بكوفية أو شمر عن ساعد الجد. يغني في حضرة هؤلاء عن هؤلاء... ويغني إن غنى في حضرة المستضعفين عن تجبر من يقبل منهم التكريم... ويأتي بعدها ليقول: أنا غاضب أيها الأصدقاء، من الأصدقاء؟ لا بل نحن الغاضبون أيها الرفيق!!!! مع الأسف هذا حال امتنا لا أحد يؤمن بمبدأ ويعكسه بعمله.