باريس | إنها سيرة امرأة كرّست حياتها في النضال ضد الاستعمار الأوروبي والإمبريالية الأميركية. ديدار فوزي روسانو (1920 ــــ 2011) تذكّرها أخيراً «المركز الثقافي الجزائري» في باريس، فأقام ندوة تكريمية لها، بالتعاون مع «لوموند ديبلومايتك» بمبادرة من الكاتب والصحافي آلان غريش.حضر اللقاء الكثير من رفاق ديدار فوزي روسانو. في البداية، تحدّث غريش عن اللحظات الأخيرة التي جمعته بديدار وقرأ رسالتين إلكترونيتين بعثتهما إليه في عامي 2004 و2006 تناولتا دفاعها عن القضية الفلسطينية ورفضها عدوان إسرائيل على لبنان في صيف 2006، ورغبتها في التواصل مع قياديي «حزب الله». كلّ من تحدث عن ديدار عاد إلى دورها في حرب الجزائر (1954 ــــ 1962) ومساهمتها في دعم تيار الشيوعيين في السودان، ونضالها في الدفاع عن قضية فلسطين.
تجربة ديدار فوزي روسانو في صفوف الحركة الشيوعية استمرّت أكثر من ستين سنة. تعدّت المنطقة العربية وبلغت جنوب أفريقيا أيام التمييز العنصري ونظام الأبارتهايد. انطلقت الراحلة في معركتها من وطنها الأم مصر، حيث انخرطت في صفوف الضباط الأحرار (1952) ضد الملك فاروق، قبل أن تلتحق بالمناضل الشيوعي هنري كوريال في باريس، وتساعد جيش التحرير الوطني في الجزائر حتى تحقيق الاستقلال.
عملها السري في فرنسا كلفها الاعتقال والسجن في «لاروكات»، قبل أن تفرّ منه مع مناضلات جزائريات (1961). «رغم استقلال الجزائر، بقيت تشعر بالمرارة لأنّه بقي منقوصاً ولم يتحقق كلياً» كما ذكر المؤرخ الجزائري محمد حربي في شهادته عن الراحلة. علاقة صاحبة «السودان، إلى أين؟»مع الجزائر استمرت حتى منتصف الستينيات، حيث شاركت في وضع أسس النظام الاشتراكي، مواصلةً دفاعها عن فلسطين وزيارتها للأراضي المحتلة ولمخيمات اللاجئين.
يكنّ شيوعيو السودان الكثير من الاحترام لديدار. لقد كانت السبّاقة في الدفاع عن البلد في الخارج. ووفق الحاضرين في التكريم، فإنّ المناضلة فتحت بيتها في باريس أواخر الثمانينيات لاستقبال اللاجئين السياسيين والمناضلين اليساريين القادمين من السودان.
سادت الشهادات التي تخلّلت اللقاء الكثير من الانفعال. تمت أيضاً قراءة رسالة وجّهتها مناضلتان عرفتا ديدار في فرنسا، هما سليمة صحراوي وعقيلة عبد المؤمن، قالتا فيها: «عاشت ديدار شيوعية حتى الممات. كانت ركناً أساسياً في شبكة كوريال. سيبقى اسمك ديدار كإحدى أهم المناضلات اللواتي ساهمن في استقلال الجزائر». إلى جانب دفاعها عن القضايا العادلة، اشتهرت ديدار بكتابها «مذكرات مناضلة اشتراكية (1942 ــــ 1990)، من القاهرة إلى الجزائر، من باريس إلى جنيف: رسائل إلى رفاقي» (1997) حيث عادت إلى تاريخ حركات التحرّر في العالم الثالث، وخصوصاً الوطن العربي.