«يعانون من آلام الظهر ومن التوتر الناتج من قضائهم أحياناً أكثر من ساعتين في زحمة السير الخانقة قبل الوصول إلى مكاتبهم. بالإضافة إلى كل ذلك، قد ينفقون ثلث راتبهم على بدلات موقف السيارة الذي لا توفّره الشركة التي يعملون لحسابها، هذا إذا وجدوا هذا الموقف، وإذا استقبلهم بسهولة». ذلك هو عالم الموظفين اللبنانيين الصعب الذي يتحدث عنه خالد تقي صاحب فكرة مشروع «تاكسي بيروت المائي» الذي عاد إلى الواجهة مجدداً مع تأليف الحكومة. المشروع الضخم ينام منذ عام في أدراج رئاسة الوزراء، ويُنتظَر أن يصار إلى تحريكه مجدداً خلال الفترة المقبلة، كما يتعهد الرجل المسؤول عن إطلاقه الذي اعتاد استقلال التاكسي البحري في نهر التايمز في بريطانيا، والتنقل بمثيله في نيويورك، وهو لا يفهم «لم يكون البحر أمامنا ونحن نعاني من كل مشاكل زحمة السير الخانقة ولا نستغلّه؟». بالإضافة إلى كلّ الفوائد السياحية والبيئية التي ينطوي عليها المشروع، وتلك الاجتماعية المتعلقة بتسهيل تنقل الموظفين وأبناء الطبقة الوسطى من المواطنين، سوف يتيح مشروع نقل الركاب البحري من 15 إلى 20 ألف وظيفة جديدة و250 فرصةً للاستثمار بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
انطلاقاً من هنا، شكّل رئيس «الجمعية العربية لترخيص الامتياز» منذ عام 2008 لجنة قانونية من المحامين الخبراء في مجال تشريع الانظمة. وقد قدّم هؤلاء في عام 2010 اقتراح قانون بعنوان «تنظيم النقل البحري الداخلي العام والسياحي» لمكتب رئاسة الوزراء، على أن يسلَّم إلى مجلس النواب لطرحه والمباشرة في التصويت لإنجازه كقانون جديد، إلا أن الظروف الحكومية غير المستقرة أجّلت بتّه حتى الآن. «لماذا نكون آخر بلد ساحلي ينجز شبكة مواصلات بحرية؟» يقول تقي الذي يشير إلى 470 ألف شخص يتنقلون بالبحر يومياً في اسطنبول وحدها، بينما الموظف الذي يسكن بعيداً عن العاصمة اللبنانية يبدأ نهاره بالتوتر على الطرقات المزدحمة بدلاً من أن يقوم بنزهة بحرية صباحية مريحة للأعصاب.
«حين جرى الحديث عن وجود نفط في مياهنا الإقليمية، تحرّك الجميع مطالبين ببدء عمليات التنقيب. رغم أهمية الموضوع، أرى أنّ حماية الموارد البشرية أهمّ من التنقيب عن الثروات الطبيعة»، يقول عراب التاكسي البحري الذي يؤكد «كما وعدت الناس، لن أتوقف عن المطالبة بهذا المشروع حتى تحقيقه قريباً».