بعد «برلين» و«ساندانس» و«كان»، تكرّ سبحة المواعيد الكبرى، وصولاً إلى الأوسكار بعد «تورنتو». الدورة الـ 72 من «مهرجان البندقية السينمائي» أو «الموسترا» (2 ــــ 12 أيلول/ سبتمبر المقبل)، تبدو حافلةً بمزيج من أسماء كبيرة وملتحقين جدد بالركب السينمائي. هكذا، نترقّب جديد كل من تشارلي كوفمان، وألكساندر سوكوروف، وماركو بيلوتشيو، وفريدريك وايزمان وسواهم. نجوم كبار؟ بالتأكيد.
يحطّ جايك جلينهال (الرجل يتحوّل إلى غول تمثيل فيلماً تلو آخر) من «إيفرست» (خارج المسابقة) لبالتزار كورماكور. جوني ديب يلعب دور رجل العصابات «وايتي بولغر» في Black Mass لسكوت كوبر، على أمل أن يكون قد قرّر الاقتراب من الحياة على حساب الكاراكتيرات الغرائبية. كذلك، لدينا حامل الأوسكار إيدي ريدماين في «الفتاة الدانماركية» (داخل المسابقة) لتوم هوبر، في دور متحوّل جنسياً، أوسكاري الطموح. ألفونسو كوارون يرأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية. الرائد المكسيكي ليس غريباً عن الليدو، بثلاث جوائز متفرّقة، وافتتاح نسخة عام 2013 بتحفته التقنيّة «جاذبية». «بيردمان» لمواطنه أليخاندرو غونزاليس إيناريتو افتتح «فينيسيا 2014»، ثمّ خطف الأوسكار عن استحقاق بعد بضعة أشهر. هذه إشارات تفاؤل بخصوص «إيفرست»، الذي يلهث خلف مجموعة من المتسلقين، يحاولون النجاة من انهيار ثلجي كبير على القمّة الشهيرة.

يعود الجزائري مرزاق علواش بجديده «مدام كوراج»

الصيني غوان هو، أحد مخرجي الجيل السادس في بلاده، يختتم الحدث بـMr. Six. أكشن كوميدي يجوب شوارع بكين وأزقتها الخلفية. الحضور الآسيوي متواضع في «البندقية»، بعد تفجّر لافت في «مهرجان كان» الأخير. الحسناء الإيطالية إليزا سيدناوي تقدّم مراسم الافتتاح والختام. بوستر الدورة حدث مرتقب بحدّ ذاته. يعزّز الهوية الأوروبيّة، ويعيد الاعتبار إلى وجوه عالقة في الذاكرة السينيفيلية. هذا العام، تتصدّر الأفيش الألمانية ناتاشا كينسكي من رائعة مواطنها فيم فيندرز «باريس، تكساس»، فيما يقبع أنطوان دوانيل الذي لعبه الفتى جان بيار ليو في «تسرّب» لفرنسوا تروفو في الخلف، لإكمال تصميم سيمون ماسي. الأنا الأخرى للمعلّم الفرنسي باق على البوستر منذ السنة الفائتة.
ألبرتو باربيرا يتولّى الإدارة الفنيّة للعام الرابع على التوالي. يشرح بعض أسباب تنامي هيمنة المهرجان على العروض الأولى لعناوين منتظرة، مثل «تذكّر» لإيغويان، و«بقعة ضوء» لتوم مكارثي في أوّل ظهور لمايكل كيتون بعد «بيردمان». في «مهرجان تورنتو» الذي يقام بعد «البندقية»، صاروا أقل اكتراثاً لعدد العروض الأولى. التنسيق ازداد مع إدارتي «برلين» والمنافس/ العدو التاريخي «كان». عرفان كبير أيضاً لفيلمي افتتاح العامين الفائتين. لقد عزّزا سمعة «البندقية»، مهرجان السينما الأقدم في التاريخ.
تشكيلة «البندقية» هذه السنة موزّعة على ثلاثة أقسام: المسابقة الرسمية (21 فيلماً) و«آفاق» (18 فيلماً) وخارج المسابقة (16 فيلماً)، إضافةً إلى عرض خاص لـ«بشري» الفرنسي يان أرتو برتران، والأسد الذهبي التكريمي لمواطنه برتران تافيرنييه عن مجمل أعماله. من الأفلام الواعدة في المسابقة، ننتقي الدراما النفسية A Bigger Splash للوكا غواندانينو. نجم روك ومخرجة أفلام يقضيان عطلة في جزيرة إيطالية غريبة لإنقاذ علاقتهما. كذلك الحال بالنسبة إلى جديد الأرجنتيني بابلو ترابيرو The Clan، البيوغرافي عن عائلة الإجرام الشهيرة. الأميركي تشارلي كوفمان يخوض غمار الأنيماشن للمرة الأولى، بالشراكة مع دوك جونسون في Anomalisa. رجل يعاني من العجز عن التواصل مع البشر. التيمة ليست غريبة عن صانعSynecdoche, New York (2008)، وهو الغائب منذ ذلك الحين. يعد رئيس المهرجان ألبرتو باربيرا بسينما أميركية «متنوّعة ومفاجئة» خلال 11 يوماً من العروض.
معالجات صادمة تقترحها أشرطة مثل Beasts of No Nation لكاري فوكوناغا، عن طفل يقاتل في حرب أهليّة أفريقيّة بحضور إدريس ألبا. Spotlight توم مكارثي يتابع السبق الصحافي لـ«بوسطن غلوب» التي كشفت قضيّة التحرّش الجنسي في كنيسة كاثوليكية. والتر روبنسون (مايكل كيتون) قاد الصحيفة إلى جائزة «بوليتزر». المعلم الروسي سوكوروف يسبر علاقة الفن بالحرب في Francophonia. إيطالي جديد هو بييرو ميسينا يتسلّح بجولييت بينوش في The Wait. الرجل عمل مساعداً لباولو سورنتينو في «لا بدّ أنّ هذا هو المكان» (2011) و«الجمال العظيم» (2013).
الجرعة الوثائقية تبدو ملهمةً. برايان دي بالما يكاشف نفسه وتاريخه فيDe Palma لنوا بومباك وجايك بالترو. مرشحة الأوسكار عنDeliver Us From Evil إيمي بيرغ، تعود ببورتريه عن جانيس جوبلن بعنوان Janis. الحرب الأوكرانية مستعرة في Winter on Fire لإيفني أفينيفسكي.
في قسم «آفاق»، يعود الجزائري مرزاق علواش إلى الموسترا. جديده «مدام كوراج» ينافس تحت أنظار لجنة تحكيم يرأسها الأميركي جوناثان ديم. مراهق من مجتمع المهاجرين الأفارقة في باريس، يصارع إدمانه للمخدرات، باحثاً عن ذاته.
كالتحلية بعد الطبق الرئيسي، يحضر سكورسيزي بشريط قصير.The Audition يوضّب لقاء السحاب بين دي نيرو ودي كابريو وبراد بيت ومارتي نفسه. مناخ طريف يرافق تصوير إعلان تجاري لفندق فخم في لاس فيغاس. شهية طيبة.

مهرجان البندقية السينمائي الدولي: بدءاً من 2 حتى 12 أيلول (سبتمبر) المقبل ــ labiennale.org/en/cinema