البصرة | تطرح المهرجانات الثقافيّة سؤالاً جوهريّاً عن إمكان صناعة مشهد ثقافي عراقي. تحدٍّ يفترض بأيّ فعالية ثقافية الخروج عن المألوف وتجاوز السائد... اختتمت قبل أيام الدورة الثامنة من «مهرجان المربد الشعري»، معمّقةً السؤال أكثر عن هذا الرهان. احتفى المهرجان بأسماء ورموز إبداعيّة مهمّة، من دون أن تكون حاضرة في البصرة. هكذا، احتفى المنظمون بمظفّر النواب، وشيركو بيكه س، لكن... غيابياً. وخصّ «المربد» مظفّر النوّاب، الذي حملت الندوة اسمه، بجلسة نقدية واحدة، وكذلك الأمر مع بيكه س. وفي وقت اقتصرت فيه فعاليّات اليوم الأوّل على الكلمات الرسمية، خرج «المربد» عن عادته في تقديم أسماء مكرّسة (محمد حسين آل ياسين، كاظم الحجاج، موفق محمد، محمد علي الحفاجي)، ليعطي المنبر للشباب. هكذا، استمعنا إلى شعراء دخلوا المعترك خلال التسعينيات مثل طالب عبد العزيز، وفارس حرّام، وحمد الدوخي، وأجود مجبل، وعمر السراي.

كذلك استمعنا إلى تجارب أخرى مهمّة أبعدها المنفى عن العراق، منها تجربة الشاعر هاشم شفيق (الصورة). نوّع «المربد» فعالياته هذا العام. ولم تعد تقتصر على الشعر، بل أطلت على فنون أخرى مثل التشكيل والتصوير والحرف اليدويّة والغناء التراثيّ... وفي فعاليّة متميّزة نُظّمت في اليوم الثاني من المهرجان، غادر الشعراء القاعات والمنصات، وألقوا الشعر على ظهر سفينة، في رحلة نهرية، كانت كلّ القراءات خلالها بأصوات شعريّة نسويّة.
لكن الإخفاق جاء على أشدّه، في الجلسة الختامية، حين قرأ ما يقرب من 30 شاعراً قصائدهم... ولنا أن نتخيّل كم استغرق ذلك من الوقت. قرأ الشاعر الذي لم نتمكن من إحصاء المرات التي استخدم فيها كلمة «فضلاً عن»، كما قرأت الشاعرة التي لم يعهد عنها سوى أنّها مراسلة جريدة يوميّة في إقليم كردستان العراق. وركزت كلّ تلك القراءات على الشعر العموديّ والعاميّ وقصائد النثر.
الاحتفاء برموزنا الإبداعيّة، مبادرة إيجابية بالطبع، لكن تنقصها الأصوات الشابة، على أمل أن نلتقيها العام المقبل. هنا، يجدر بالمنظمين التركيز على وضع معايير واضحة وصارمة لفحص القصائد وتدقيقها فنياً، لكي يصير مضمون المهرجان أكثر متانة.