دمشق | بين «جمعة الفرصة الأخيرة» في اليمن، و«الجمعة العظيمة» في سوريا، توحّدت أمس الصورة على الشاشات العربية: تظاهرات وشعارات، وإن اختلفت من مكان إلى آخر. صحيح أنّ هذه الصورة كانت تحصيلاً حاصلاً في صنعاء وتعز، إلا أنّها تحوّلت «سبقاً صحافياً» في سوريا. هكذا، استعانت «العربية» و«الجزيرة» بما تيسّر لهما من مقاطع الفيديو والصور الواردة من بعض المحافظات السورية. لكن عدا ذلك، اعتمدت تغطية الفضائيات العربية للحدث السوري على تلقّي اتصالات من ناشطين وحقوقيين في مختلف المحافظات، مقابل تميّز «فايسبوك» وصفحة «شبكة شام» التي امتلأت بما افتقرت إليه الفضائيات في ما يتعلّق بالحدث السوري، ألا وهو الصورة.
لكن مقابل التغطية الحذرة التي قدّمتها «العربية»، مكتفيةً بنقل الأخبار الواردة من وكالات الأنباء، توقّفت «الجزيرة» طويلاً عند سوريا، وخصوصاً مع خروج التظاهرة الأولى من قلب دمشق، وتحديداً حي الميدان. مع بداية التغطية، ظهر على الشاشة القطرية مشهد لاعتصام حاشد في بنغازي، فيما كان الخبر والحديث عن تظاهرات سورية. لكنّ المحطة سرعان ما تداركت الخطأ، وقسّمت شاشتها إلى أقسام أظهرت مقاطع فيديو لتظاهرات في محافظات ومناطق سورية.
ولعل السؤال الأبرز الذي كان أشبه ببوصلة لـ«الجزيرة»، إذ طرحته على كل الناشطين، هو: ما هي الشعارات التي رفعتها التظاهرات؟ ورغم التركيز الواضح من كل المحطات العربية الإخبارية على سوريا، إلا أنّ المحطة القطريّة بدت كأنها تردّ على الهجمة الإعلامية التي شنّتها عليها القنوات السورية، والاعتصام الذي أقيم أمام مكتبها في دمشق لمطالبتها بالاعتذار. هكذا، أفسحت قناة «الرأي والرأي الآخر» وقتاً طويلاً لناشطين حقوقيين كي يكرروا مداخلاتهم ذاتها التي التزموا بها منذ بدء الاحتجاجات. في مقابل ذلك، جنّدت المحطات السورية نفسها للرد على المحطات العربية. بدت الإخبارية السورية كأنّها تستقي أخبارها من المدينة الفاضلة، حين نقلت خبراً عن قيام المتظاهرين في مدينة حماة بتوزيع الورود البيضاء على رجال الأمن والشرطة! فيما تابع التلفزيون الرسمي تغطيته مع المذيع علاء الدين الأيوبي واتصالات المؤيدين للنظام، وصوت الشاعر محمد مهدي الجواهري في قصيدة «دمشق يا جبهة المجد». ولم تفد الدعوات العديدة لمذيعي «الدنيا» إلى أن يكفوا عن المتابعة السطحية للأحداث، فاستمرّت المحطة السورية المقرّبة من النظام بالنهج ذاته. وسط هذا الصخب، غاب الإعلام اللبناني تقريباً عن الحدث، بما فيه قناة «أخبار المستقبل»، فيما ركّزت «المنار» على أيّ تصريح لمسؤولين لبنانيين من شأنه أن يسهم في تهدئة الأوضاع في سوريا. كأننا بالقنوات اللبنانية «اتّعظت» بتوجيهات «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع» الذي نبّهنا قبل أيّام إلى «الخصوصية اللبنانية للحدث السوري»!