لم يعد ليل دمشق صاخباً كما كان. هدوء حذر يشوب شوارع العاصمة السورية مع حلول المساء. كذلك، غابت معظم اللوحات الإعلانية الخاصة بالأحداث الفنية على الطرقات لتُستبدل بشيء واحد: التحذير من «المؤامرة» والحث على التمسك بالوطن. هكذا، خلال تجوالك في أي شارع دمشقي شهير، ستقع على عشرات الإعلانات المحذرة من الفتنة على طريقتها: «احذروا رموز الفتنة وحاصروهم». وبينما ذهبت إعلانات أخرى إلى التحذير من «المخربين والمندسين»، سيلفتك حتماً إعلان لفتاة جميلة تضع أصابع يديها على شكل قلب، وتقول: «إلى كل من يريد أن يعرف مَن أحب؟ أحب سوريا». ورداً على هذه الإعلانات، راح بعضهم يفبرك النكات انطلاقاً منها: «المخربون قد يختبئون في علب البيبسي... وخاصةً تلك التي قد يكون ترخيصها إسرائيلياً»، قد تسمع أحدهم يهمس بتلك النكتة في أحد المقاهي. أما على الشبكة العنكبوتية، فقد صنع الشباب خطابهم. انتشرت صفحات ودعوات عديدة على «فايسبوك» تناقش الوضع الحالي. ومقابل قائمة العار التي ضمت أسماء مجموعة من الفنانين السوريين، انطلقت صفحة بعنوان «أنا مندسّ، أنا مندسّة»، ضمت مجموعة من الشباب الذين اعترفوا بأنّهم «مندسون في حبّ وطنهم والتمسك بوحدته الوطنية مع وقوفهم عند مطالبهم بالحرية».
إلى جانب ذلك، ذهبت تعليقات عدة إلى السخرية من الأداء الإعلامي لمذيعي التلفزيون السوري، وخصوصاً علاء الدين الأيوبي، الذي ذكّر بعض المعلقين بأنّه المذيع السوري الأول الذي أعطى الميكرفون سطوةً تفوق سطوة الهراوة، وحاز لقب «سيدي المذيع» من خلال برنامجه «الشرطة في خدمة الشعب». أما نجم التعليقات الساخرة، فقد كان النائب السوري خالد العبود، ابن محافظة درعا، الذي لفت الأنظار بمداخلاته على تلفزيون «الجزيرة». النائب السريع الغضب اتهم القناة القطرية مراراً وعلى شاشتها بالفتنة والتحريض والدعوة إلى التخريب. وأوحى للمحطة القطرية بأن يتعلم فريقها الصدقية من التلفزيون السوري. وفي إحدى المداخلات، استطرد العبود شارحاً عن مربعات يتحرك فيها السوريون، هي ليست ذاتها مربعات «الجزيرة». حتى إنّ المذيعة طلبت منه الابتعاد عن منطق المربعات. وهنا، ما كان من رواد الـ «فايسبوك» إلا أن حمّلوا هذا المقطع لتنهال التعليقات الساخرة. بعضهم علّق بأنّ النائب قدّم مشروع قانون للتصويت عليه في مجلس الشعب يقضي بتحويل دوائر الدولة إلى مربعات!



البيان الرقم واحد

بعدد أغنية الفنان سميح شقير «يا حيف» التي حظيت بإقبال شديد رغم عدم بثها إلا على محطات قليلة، أطلقت فرقة موسيقية مقطع فيديو لأغنية راب سمتها «بيان رقم واحد»، تحكي فيه عن ثورة سورية حتى الحرية. والبيان الرقم واحد حمل عنوان «الشعب السوري ما بينذل» في إشارة إلى أول أشكال الاحتجاجات عندما خرج آلاف السوريين في الحريقة وهتفوا بصوت واحد بهذا الشعار. ثم تذكّر الأغنية بأحداث درعا وتمر على الفساد المستشري في سوريا، وتصف معظم المسؤولين باللصوص.