الرقابة في غيبوبة. كل الشياطين في سجون طرة، وجهاز أمن الدولة حُلَّ. لكنّ بعض موظفي النظام القديم، لا يعرفون أن ثورة أطاحت كلّ شيء. ها هم يواصلون رقابة المنع على الكتب القادمة من الخارج. «غيبوبة» الرقابة تلخصها حكاية رواية «أبناء الجبلاوي»، للروائي إبراهيم فرغلي (الصورة)، الصادرة منذ أكثر من عام عن «دار العين للنشر». الناشرة فاطمة البودي فوجئت بمنع دخول مرتجعات الرواية بعد مشاركتها في معارض الرياض وأبو ظبي والمغرب للكتاب. المفارقة أن الرواية التي طبعت في «المنطقة الحرة، تُعامَل باعتبارها كتاباً أجنبياً، رغم توزيعها تقريباً في كل المكتبات المصرية، لأكثر من عام». المفارقة الثانية أنّ جهاز الرقابة على المطبوعات الخارجية يتبع وزارة الإعلام، وهي الوزارة التي أُلغيَت.

تؤكد الناشرة كرم يوسف صاحبة مكتبة «كتب خان»، وتضيف أنّ الجهاز الآن يتبع وزارة الداخلية، ويشرف عليه ضباط في أمن الدولة. فقد أُوقفت العديد من شحنات الكتب التي تطلبها يوسف من مختلف أنحاء العالم، وكان تعاملها المباشر مع «ضابط برتبة عقيد يدعى مراد».
من جهتها، تدرس البودي مع محاميها الخاص رفع دعوى قضائية على الجهاز، وإن كان المنع يحصل من دون أوراق، بل شفاهياً. وقد تنضم كرم يوسف أيضاً إلى الدعوى، من خلال تقديم بلاغ للنائب العام «لأن أمن الدولة حُلّ، والدستور الجديد ـــــ القديم، ينص على حرية النشر والمطبوعات، وعلى إلغاء الرقابة. كذلك، إنّ حالة الطوارئ تنطبق فقط على المخدرات والإرهاب. فهل يكون التعامل مع الكتب باعتبارها إرهاباً أم ممنوعات؟»، تسأل يوسف. من جانبه، يرى إبراهيم فرغلي أن قرار المنع اتّبع «هوى بعض الموظفين»، وأنّ أي مصادرة تعد مخالفة دستورية صريحة، بما في ذلك فكرة الرقابة الخارجية.
ويقول فرغلي: «فكرة أنّ الكتاب مطبوع في المنطقة الحرة نوع من الاستهبال، لأنّ الكاتب مصري والموضوع مصري. كأننا نضحك على بعضنا على طريقة النظام القديم».
صدرت «أبناء الجبلاوي» في طبعتين في مصر، وتدور حول فرضية اختفاء روايات الكاتب نجيب محفوظ من الأسواق. قضيّة منعها، تؤكد أنّ معركة الرقابة ستكون المعركة المقبلة لمثقفي مصر. وحده الديكتاتور يخشى المعرفة، ومصر الجديدة لا تريد ديكتاتوراً جديداً!