أمْنية
أنتَ أغمضتَ عينَيكَ
أغمِضهما...
ولتظلّ طويلاً، كما أنت مسترخياً
مغْمض المقلتَين.
إن كرسيّكَ الخيزران مريح، أريكة غيم.
فأغمض...
لماذا تحاول إرهاق عينيك؟
ماذا ترى لو فتحتهما؟
هل حننت إلى قرية النمل
والذّل

والقتل
والمرأة الباردة؟
هل حننت إلى تيه يوم الأحد
وجنون البلد
ونخيل البلد
(حيث يستهترُ الخائنون)؟
هل حننت إلى الطلْقة الواحدة؟

■ ■ ■

أنت أغمضت عينيك
أغمِضْهما.
هل سمعتك تهذي:
سأغمض عينيّ حتى الأبد!
استكهولم ـ 08.04.2011

تناوبات

الشمس التي غابت لم تتمم ساعتين. ربما لأننا لم نعد نهتمّ بأنفسنا. الشمس التي غابت لم تقل: وداعاً. ليس لأنها لن تعود. نحن قد لا نعود إليها وإلى النافذة المخطّطة بالستارة المعدنية.
ومن الغابة التي استضافت عاصمة، سوف يدخل ارتجاج من قطارات سريعة. قطارات ترمي بنا إلى حيث لا ندري أو نريد. ليس في الحقيبة التي تحمل رسم حيوان مفترس زاد أو قصيدة.
الأخضر بن يوسف، الجالس كالمقرور في غرفته، في طرف استوكهولم، لا يعرف ما معنى الجلوس المحض.
حيناً يرتدي ما كان يوماً درعه: برنسه الصوف، وحيناً يسأل البائعة الحسناء أن تُلبسه شالاً من الكشمير، لكنّ ثياب الأخضر الجالس في الغرفة ليست كالثياب. الأخضر الجالس يلقي دفعة واحدة كل الذي كان له... أو ربّما... كان عليه. الأخضر، الآن، طليق مثل ما كان. ولن يجلس مقروراً هنا في غرفة استوكْهولم.
البحر ليس بعيداً. البحر قريب كالغابة. البحر قريب من رئاتنا التي أثقلها استنشاق الرمل المسموم.
لن نبحث عن السمكة الذهب. لن نبحث عن صندوق المسافر. لن نبحث عن اللؤلؤ.
نحن أسرى سلالة تنقرض. نحن السّلالة التي تنقرض. أمس على الشاطئ الذي لم يعد فيه قراصنة
كانت قطع الثلج الطافية تحمل ما لم يعد يترقرق تحت قمصاننا: الشمس التي تفْرز قوس قزح.
الأخضر بن يوسف، استنشق، في غرفته التي غابت تماماً، ضوع غصْن صندَل. نفحة نَدّ...
هفّة من ثوب منْ كان أحبّ. الأخضر استعمل ما كان يداريه قديماً: أن يرى في لحظة خاطفة
ما لا يُرى. فلْيترك الغرفة واستوكهولم، والمبنى، وهذا البحر، والغابة، والثلج الذي يطفو...
ليخرج مرّةً واحدةً من جلْدِه، وليندفع في لجّة الثورة!
استوكهولم 05/04/2011
* شاعر عراقي